معروف، فجلس على طريقه، حتى مرَّ به في حَشَمه، فقام إليه، فنظر إليه الآخر، فعرفه، فقال: فلان؟ قال: نعم. فقال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك، فأتيتك لتصيبني بخير. فقال: ما فعل مالُك؟ فقد اقتسمنا مالًا واحدًا وأخذت شطره وأنا شطره، فقص عليه قصته، فقال: وإنّك لمن المصدقين بهذا؟! اذهب فلا أعطيك شيئًا، فطرده، فقضي لهما أن توفيا؛ فنزل فيهما:{فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين}[الصافات: ٥٠ - ٥١](١). (ز)
٤٤٨٨٧ - قال يحيى بن سلّام: بلغنا أنهما كانا أخوين من بني إسرائيل، ورثا عن أبيهما مالًا، فاقتسماه، فأصاب كل واحد منهما أربعة آلاف دينار، فأما أحدهما فكان مؤمنًا، فأنفقه في طاعة الله، وقدَّمه لنفسه، وأما الآخر فكان كافرًا، فاتخذ بها الأرضين والجنان والدور والرقيق وتزوج، فاحتاج المؤمنُ ولم يبق في يده شيء، فجاء إلى أخيه يزوره، ويتعرَّض لمعروفه، فقال له أخوه: فأين ما ورِثت؟ قال: أقرضته ربي، وقدمته لنفسي. فقال له أخوه: لكني اتخذت به لنفسي ولولدي ما قد رأيت (٢)[٤٠١٦]. (ز)
٤٤٨٨٨ - عن إسماعيل السدي، في قوله:{جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب}، قال:
[٤٠١٦] ذكر ابنُ عطية (٥/ ٦٠٥) في معنى الآية بأن «ظاهر هذا المثل أنه بأمر وقع وكان موجودًا، وعلى ذلك فسره أكثر أهل هذا التأويل». ثم ذكر احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل أن يكون المثل مضروبًا بمن هذه صفته، وإن لم يقع ذلك في وجودٍ قط». ثم استظهر الأول قائلًا: «والأول أظهر». ثم ذكر معنى رواية ابن سلام، ونقل روايات أخرى، فقال: «وروي أنهما كانا شريكين حدادين، كسبا مالًا كثيرًا، وصنعا نحو ما روي في أمر الأخوين، فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه. وذكر إبراهيم بن القاسم الكاتب في كتابه في عجائب البلاد: أن بحيرة تِنِّيس كانت ما بين الجنتين، وكانت للأخوين، فباع أحدهما نصيبه من الآخر، وأنفق في طاعة الله حتى عيَّره الآخر، فجرت بينهما هذه المحاورة، فغرَّقها الله في ليلة، وإيّاها عنى بهذه الآية». ثم علَّق بقوله: «وفي بسط قصصهما طول فاختصرته، واقتصرت على معناه؛ لقلة صحته، ولأن في هذا ما يفي بفهم الآية».