للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٥٢٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنها}، قال: كان لا يسألُ اللهَ شيئًا إلا أعطاه (١). (ز)

[قصة بلعم]

٢٩٥٢٧ - عن سالم أبي النضر -من طريق محمد بن إسحاق- أنّه حدث: أنّ موسى لَمّا نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام أتى قومُ بلعم إلى بلعم، فقالوا له: يا بلعم، إنّ هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا، ويقتلنا، ويُحِلُّها بني إسرائيل، ويسكنها، وإنّا قومُك، وليس لنا منزل، وأنت رجلٌ مُجابُ الدعوة، فاخرج وادعُ الله عليهم. فقال: ويلَكم، نبيُّ الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أذهب أدعو عليهم وأنا أعلم مِن الله ما أعلم؟! قالوا: ما لنا مِن منزل. فلم يزالوا به يُرَقِّقونه، ويتَضَرَّعون إليه حتى فتنوه، فافْتُتِن. فركب حمارةً له متوجهًا إلى الجبل الذي يُطْلِعه على عسكر بني إسرائيل، وهو جبل: حُسْبانَ، فلمّا سار عليها غيرَ كثير رَبَضَتْ (٢) به، فنزل عنها، فضربها، حتى إذا أذْلَقها (٣) قامتْ، فرَكِبَها، فلم تَسِرْ به كثيرًا حتى رَبَضَتْ به، ففعل بها مثل ذلك، فقامتْ، فركبها، فلم تَسِر به كثيرًا حتى رَبَضَتْ به، فضربها حتى إذا أذلقها أذِنَ الله لها، فكلَّمَتْهُ حُجَّةً عليه، قالت: ويحك، يا بلعمُ، أين تذهب؟! أما ترى الملائكة أمامي تَرُدُّني عن وجهي هذا؟! أتذهب إلى نبيِّ الله والمؤمنين تدعو عليهم؟! فلم ينزع عنها يضربها، فخلّى اللهُ سبيلًها حين فعل بها ذلك. قال: فانطلقت به، حتى إذا أشرفت على رأس جبل حُسْبانَ، على عسكر موسى وبني إسرائيل؛ جعل يدعو عليهم، فلا يدعو عليهم بشيء إلا صرف به لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بخير إلا صرف لسانه إلى بني إسرائيل. قال: فقال له قومه: أتدري -يا بلعم- ما تصنع؟ إنما تدعو لهم، وتدعو علينا، قال: فهذا ما لا أملك، هذا شيءٌ قد غلب الله عليه. قال: واندَلَعَ (٤) لسانُه، فوقع على صدره، فقال لهم: قد ذَهَبَتِ الآنَ مِنِّي الدنيا والآخرة، فلم يبق إلا المكر والحيلة، فسأمكر لكم وأحتال، جَمِّلُوا النساء، وأعطوهن السِّلَع، ثم أرسِلُوهُنَّ إلى


(١) أخرجه ابن جرير ١٠/ ٥٧٣.
(٢) من رَبَضَ في المكان يَرْبِضُ: إذا لَصِقَ به وأقام مُلازمًا له. النهاية (ربض).
(٣) أي: أقلقها. النهاية (ذلق).
(٤) انْدَلَعَ: خرج من الفم واسترخى وسقط على العَنْفقة كلسان الكلب. لسان العرب (دلع).

<<  <  ج: ص:  >  >>