للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُرَيظة، والنَّضِير، وخَيبر، وفَدَك، وقريتي عُرَيْنة؛ {فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى} يعني: قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، {واليَتامى والمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} يعني: يكون المال دُولة {بَيْنَ الأَغْنِياءِ مِنكُمْ} يعني: لِئَلّا يغلب الأغنياء الفقراء على الفيء، فيَقسمونه بينهم، فأعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الفيءَ للمهاجرين، ولم يُعط الأنصار غير رجلين، منهم سهل بن حُنَيف، وسِماك بن خَرَشة، أعطاهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أرضًا مِن أرض النَّضِير، وإنما سُمّوا المهاجرين لأنهم هجروا المشركين وفارقوهم (١). (ز)

٧٦٢١٦ - عن معمربن راشد -من طريق عبد الرزاق- في قوله تعالى: {ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى}، قال: بلَغني: أنها الجِزية، والخَراج خَراج أهل القُرى، يعني: القرى التي تؤدي الخَراج (٢). (ز)

٧٦٢١٧ - قال سفيان الثوري -من طريق وكيع- {ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى} الآية: الفيء خِلاف الغنيمة؛ الغنيمة: ما أخذ عَنوة بالغَلبة والحرب، يكون خُمسه في هذه الأصناف، وأربعة أخماسه للذين قاتلوا عليه. والفيء: ما صُولِح أهل الحرب عليه، فيكون مقسومًا في هذه الأربعة الأصناف، ولا يُخمّس (٣). (ز)

[النسخ في الآية]

٧٦٢١٨ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ} قال: كان الفيء بين هؤلاء، فنَسَختْها الآية التي في الأنفال، فقال: {واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١] فنَسَختْ هذه الآيةُ ما كان قبلها في سورة الحشر، فجعل الخُمس لِمَن كان له الفيء، وصار ما بقي من الغنيمة لسائر الناس لِمَن قاتل عليها (٤) [٦٥٤٣]. (١٤/ ٣٥٨)


[٦٥٤٣] اختُلِف في الذي عنى بهذه الآية على أقوال: الأول: عُني بذلك: الجزية والخراج. الثاني: عني بذلك: الغنيمة التي يصيبها المسلمون من عدوهم من أهل الحرب بالقتال عنوة. الثالث: عني بذلك: الغنيمة التي أوجف عليها المسلمون بالخيل والرّكاب، وأُخذتْ بالغلبة، وقالوا: كانت الغنائم في بدو الإسلام لهؤلاء الذين سمّاهم الله في هذه الآيات دون المُرجفين عليها، ثم نسخ ذلك بالآية التي في سورة الأنفال. الرابع: عني بذلك: ما صالح عليه أهل الحرب المسلمين من أموالهم، وقالوا قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} الآيات، بيان قَسْم المال الذي ذكره الله في الآية التي قبل هذه الآية، وذلك قوله: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}. ذكر هذا ابن جرير عن بعض المتفقهة من المتأخرين.
وعلّق ابنُ عطية (٨/ ٢٦٤) على القول الأول، فقال: «وليس في الآية نسخٌ على هذا التأويل».
وقد ذكر ابنُ جرير (٢٢/ ٥١٨) هذه الأقوال، ثم قال: «والصواب من القول في ذلك عندي: أنّ هذه الآية حكمها غير حكم الآية التي قبلها، وذلك أنّ الآية التي قبلها مالٌ جعله الله - عز وجل - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - خاصة دون غيره، لم يجعل فيه لأحد نصيبًا، وبذلك جاء الأثر عن عمر بن الخطاب». وذكر أثرًا عن عمر، ثم قال: «فإذا كانت هذه الآية التي قبلها مضت، وذكر المال الذي خصّ الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجعل لأحد معه شيئًا، وكانت هذه الآية خبرًا عن المال الذي جعله الله لأصناف شتى؛ كان معلومًا بذلك أنّ المال الذي جعله لأصناف من خلْقه غير المال الذي جعله للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، ولم يجعل له شريكًا».
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٢٦٤) قول قتادة، وانتقده مستندًا لأحوال النزول، فقال: «وهذا القول يضعف؛ لأن آية الأنفال نَزَلَتْ إثر بدر، وقبل بني النَّضِير، وقبل أمر هذه القرى بسنة ونيّف».

<<  <  ج: ص:  >  >>