للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسألوهم، فعن أبي الطفيل، قال: قال علي: "سلوني عن كتاب اللَّه؛ فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل" (١).

وعن ابن أبي حسين قال: قام علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فقال: "ألا أحد يسألني عن القرآن فواللَّه لو أعلم اليوم أحدًا أعلم مني به، وإن كان من وراء البحار، لأتيته". فقام عبد اللَّه بن الكواء فقال: من الذين بدلوا نعمت اللَّه كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار؟ فقال: "مشركو قريش" (٢).

وعن ابن أبي مليكة قال: دخلت على ابن عباس فقال: "إني أصبحت طيب النفس فسلوني عن أشياء من سورة البقرة وسورة يوسف". يخصهما من بين السور (٣).

وهكذا الحال أيضًا مع التابعين رحمهم اللَّه، فعن سعيد بن جبير أنه كان يقول: "سلوني يا معشر الشباب فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم" (٤).

وعن سعيد بن يزيد، قال: كنا عند عكرمة فقال: "ما لكم أفلستم؟ يعني: لا أراكم تسألوني" (٥).

وكذا أيضًا روي عن بعض أتباع التابعين خصوصًا مقاتل بن سليمان (٦).

[٤ - تصدي الطلاب لسؤال شيوخ العلم واستخراج علمهم من ذلك الطريق]

رأينا في الطريق السابق كيف تصدى بعض السلف للتفسير من خلال التعرض لسؤال التلاميذ وطلب ذلك منهم، لكن في المقابل وُجد من المفسرين من تحرج من القول في التفسير وآثر عدم الخوض فيه، فكان لا يبتدئ التفسير حتى يُسأل، فقيَّض اللَّه من التلاميذ النجباء من يجلس إليه ويسأله ويستخرج تفسيره، فمن هؤلاء سعيد بن المسيب الذي عرف عنه التهيب من التفسير، حتى أنه كان يُسأل عن الآية من القرآن فيقول: "لا أقول في القرآن شيئًا" (٧)، كما أنه كان رجلًا شديدًا مهابًا (٨)، وقد رحل إليه قتادة فعكف عليه بضعة أيام يسأله، فاستخرج كثيرًا من علمه ومن ذلك


(١) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٣٨.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٤٧/ ٢٢٧.
(٣) المعرفة والتاريخ ١/ ٤٩٤.
(٤) المعرفة والتاريخ ١/ ٧١٣. وينظر أيضًا: ابن جرير ١٣/ ٦٩٤.
(٥) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٨٦.
(٦) ينظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٤٤٦.
(٧) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٨١، وابن جرير في تفسيره ١/ ٧٩.
(٨) المعرفة والتاريخ ٤/ ٥٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>