ورَجّح ابنُ جرير نزول الآية في المهاجرين كما جاء في أثر ابن عمر، مستندًا إلى دلالة العقل، ولزوم الجمع بين الخبرين الثابتين، فقال: «وأَوْلى القولين في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عنى بهذه الآية: المهاجرين دون الأعراب. وذلك أنّه غيرُ جائز أن يكون في أخبار الله أو أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ يدفع بعضُه بعضًا، فإذا كان صحيحًا وعد الله مَن جاء من عباده المؤمنين بالحسنة من الجزاء عشر أمثالها، ومن جاء بالحسنة منهم أن يضاعفها له، وكان الخبران اللذان ذكرناهما عنه - صلى الله عليه وسلم - صحيحين، كان غيرُ جائز إلا أن يكون أحدهما مجملًا والآخر مُفَسِّرًا، إذ كانت أخباره - صلى الله عليه وسلم - يُصَدِّق بعضُها بعضًا. وإذا كان ذلك كذلك صحَّ أن خبر أبي هريرة معناه: إنّ الحسنة لَتُضاعَف للمهاجرين مِن أهل الإيمان ألفي ألف حسنة، وللأعراب منهم عشر أمثالها، على ما روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنّ قوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: ١٦٠] يعني: من جاء بالحسنة من أعراب المؤمنين فله عشر أمثالها، ومن جاء بالحسنة من مهاجريهم يضاعف له، ويؤته الله من لدنه أجرًا. يعني: يُعْطِه من عنده أجرًا عظيمًا، يعني: عِوَضًا من حسنته عظيمًا. وذلك العوض العظيم: الجنة». وذكر ابنُ عطية (٢/ ٥٥٦) الأقوال في نزول الآية، ثم رَجَّح أنها عامة في المؤمنين والكافرين: «فأمّا المؤمنون فيُجازَوْن في الآخرة على مثاقيل الذَرِّ فما زاد، وأما الكافرون فما يفعلون من خيرٍ فتقع المكافأة عليه بنِعَم الدنيا، ويجيئون يوم القيامة ولا حسنة لهم».