وذكر ابنُ كثير أنّ ما رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رحم الله أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة ماله ... ». بأن هذه مرسلات، لا تُعارِض الصحاح. وذكر ابنُ عطية (٦/ ٨) أنّ أكثر المفسرين على القول بأن زكريا أراد وراثة المال، وبيَّن أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معشر الأنبياء لا نورث» يحتمل أن لا يريد به العموم، ثم رجَّح القول بأنها وراثة النبوة مستندًا إلى دلالة العقل، والنظائر، فقال: «والأظهر الأليق بزكريا - عليه السلام - أن يريد: وراثة العلم والدين؛ فتكون الوراثة مستعارة، ألا ترى أنه إنما طلب ولِيًّا، ولم يخصص ولدًا، فبلّغه الله أمله على أكمل الوجوه». ونقل حكاية عن الزجاج أنّ فرقة قالت: إنما كان مواليه مهملين للدّين، فخاف بموته أن يضيع الدين، فطلب وليًّا يقوم بالدين بعده. وعلَّق عليه بقوله: «وفيه أنه لا يجوز أن يسأل زكريا مَن يرث ماله؛ إذ الأنبياء لا تورث، وهذا يؤيده قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة». ويوهنه ذكر العاقر». أي: في الآية. ونقل (٦/ ٩) عن فرقة أنها قالت: بل طلب الولد ثم شرط أن تكون الإجابة في أن يعيش حتى يرثه، تحفظًا مِن أن تقع الإجابة في الولد ثم يخترم فلا يتحصل منه الغرض المقصود.