للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دونه (١) [٤١٣٢]. (ز)

{وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)}

٤٦١٠٨ - عن عبد الله بن عباس، في قوله: {واجعله رب رضيا}: يعني: مَرْضِيًّا


[٤١٣٢] أفادت الآثارُ الاختلاف في المراد بهذا الميراث. ورجَّح ابنُ كثير (٩/ ٢١٥ - ٢١٧) أنها وراثة النبوة مستندًا إلى السنة، والدلالات العقلية بما مفاده الآتي: ١ - أنّ النبي أعظم منزلة مِن أن يشفق على ماله بأن يأنف مِن وراثة عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد، فيحوز ميراثه دونه. ٢ - أنه لم يُذكر أنه كان ذا مال، بل كان نجّارًا يأكل مِن كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالًا، ولا سيما الأنبياء?، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا. ٣ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نحن معشر الأنبياء لا نورث». وهذا يوجب حمل قوله: {فهب لي من لدنك وليا * يرثني} على ميراث النبوة؛ ولهذا قال: {ويرث من آل يعقوب}، كما قال تعالى: {وورث سليمان داود} [النمل: ١٦] أي: في النبوة؛ إذ لو كان في المال لما خصَّه مِن بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة، إذ مِن المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أنّ الولد يرِث أباه، فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها.
وذكر ابنُ كثير أنّ ما رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رحم الله أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة ماله ... ». بأن هذه مرسلات، لا تُعارِض الصحاح.
وذكر ابنُ عطية (٦/ ٨) أنّ أكثر المفسرين على القول بأن زكريا أراد وراثة المال، وبيَّن أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معشر الأنبياء لا نورث» يحتمل أن لا يريد به العموم، ثم رجَّح القول بأنها وراثة النبوة مستندًا إلى دلالة العقل، والنظائر، فقال: «والأظهر الأليق بزكريا - عليه السلام - أن يريد: وراثة العلم والدين؛ فتكون الوراثة مستعارة، ألا ترى أنه إنما طلب ولِيًّا، ولم يخصص ولدًا، فبلّغه الله أمله على أكمل الوجوه».
ونقل حكاية عن الزجاج أنّ فرقة قالت: إنما كان مواليه مهملين للدّين، فخاف بموته أن يضيع الدين، فطلب وليًّا يقوم بالدين بعده. وعلَّق عليه بقوله: «وفيه أنه لا يجوز أن يسأل زكريا مَن يرث ماله؛ إذ الأنبياء لا تورث، وهذا يؤيده قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة». ويوهنه ذكر العاقر». أي: في الآية. ونقل (٦/ ٩) عن فرقة أنها قالت: بل طلب الولد ثم شرط أن تكون الإجابة في أن يعيش حتى يرثه، تحفظًا مِن أن تقع الإجابة في الولد ثم يخترم فلا يتحصل منه الغرض المقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>