للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة، إِلَّا ذهب فنظر إليها، ذهب إلى بئر برهوت بحضرموت، وذهب إلى بابل، عليها وال، فقال له مجاهد: تعرض علي هاروت وماروت؟ قال: فدعا رجلًا من السحرة، فقال: اذهب به. فقال اليهودي: بشرط أن لا تدعو اللَّه عندهما. قال: فذهب بي إلى قلعة، فقطع منها حجرًا، ثم قال: خذ برجلي. فهوى به، حتى انتهى إلى جوبة، فإذا هما معلقان منكسان كالجبلين، فلما رأيتهما، قلت: سبحان اللَّه خالقكما. فاضطربا، فكأن الجبال تدكدكت، فغُشي عليَّ وعلى اليهودي، ثم أفاق قبلي، فقال: أهلكت نفسك، وأهلكتني" (١).

خامسًا: التوسع في بعض مصادر التفسير:

تقدم أنه كلما بَعُدَ العهد عن عصر النبوة توسع التفسير وزاد، ولا شك أن توسعه ناتج عن التوسع في بعض مصادره، ولعل من أهمها لدى التابعين:

أ - الاجتهاد: برز الاجتهاد في التفسير بصورة جلية في عهد الصحابة من خلال تشجيع عمر -رضي اللَّه عنه- لابن عباس وأقرانه في ذلك كما تقدم، ورأينا كيف صار ابن عباس عَلَمًا في ذلك المصدر، فكان بحق ترجمان القرآن وأكثر الصحابة تفسيرًا، وقد ربى أتباعه على هذا المنهج وأذن لهم في الاجتهاد والاستنباط من القرآن، لذا كان طلابه أكثر التابعين تفسيرًا واجتهادًّا في القرآن، لا سيما مجاهد بن جبر الذي فاق أقرانه في الاستنباط من القرآن والنظر والتأمل فيه، وإعمال الرأي في التفسير وإيضاح غامضه، وبيان مشكله، حتى ربما أغرب في بعضه (٢).

ب - الإسرائيليات: توسع كثير من التابعين نسبيًّا في الاستشهاد بالإسرائيليات وربطها بالتفسير، خصوصًا أبا العالية وسعيد بن جبير ومجاهدًا ووهب بن منبه ومحمد بن كعب القرظي، لذا ورد اتقاء البعض لتفسير بعضهم، فعن أبي بكر بن عياش قال: قلت للأعمش: ما لهم يتقون تفسير مجاهد؟ قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب (٣).

فإذا أتينا إلى طبقة صغار التابعين نجد قتادة والسدي قد توسعا كثيرًا في ذلك حتى كانا أكثر التابعين استشهاذا بالإسرائيليات في التفسير (٤)، وبالتالي فإن المنقول عن


(١) المصدر السابق.
(٢) ينظر: تفسير التابعين ١/ ١٣٣ - ١٣٤، ٢/ ٧٣١ - ٧٣٣، ٧٣٨.
(٣) طبقات ابن سعد ٥/ ٤٦٧.
(٤) ينظر: بحث "رواة الإسرائيليات في تفسير ابن جرير الطبري ومقدار مروياتهم": د. نايف بن سعيد الزهراني، العدد الأول من مجلة جامعة الباحة ١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م، ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>