للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي تليهم، فدلَّ تتابعهم على نقل أقوالهم، على اعتبار المنقول عنهم واعتماده في فهم القرآن، بل قد نجد عند بعضهم -كالطبري- الترجيح لبعض أقوالهم، وتصحيحها على غيرها من أقوال اللغويين وغيرهم.

وإذا استحضرنا العلَّة التي ذكرها محمد حسين الذهبي (ت: ١٣٩٧ هـ) في قوله: "وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوِىَ عن التابعين -وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرأي- لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور، كتفسير ابن جرير وغيره، لم تقتصر على ما ذِكْر ما رُوِىَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وما رُوِىَ عن أصحابه، بل ضمت إلى ذلك ما نُقِل عن التابعين في التفسير" فإننا يمكن أن ندخل تفسير أتباع التابعين لأجل العلة التي اعتمدها.

والنتيجة عندي أن دخول أتباع التابعين في المأثور لا غبار عليه للعلتين اللتين ذكرتهما سابقًا، وهما حديث: "خير القرون قرني. . . "، ثم تتابع عمل العلماء على اعتماد تفسيرهم في كتبهم في التفسير وفي غيره من الكتب.

ثانيًا: ما يتعلق بالنتيجة المترتبة عليه:

ويندرج تحت هذه الملحوظة أمران:

الأمر الأول: ما يتعلق بالحكم، فإن بعض من درج على هذا المصطلح نصّ على وجوب اتباعه والأخذ به، كقول مناع القطان: "حكم التفسير بالمأثور:

التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه والأخذ به؛ لأنه طريق المعرفة الصحيحة. وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ في كتاب اللَّه" (١)، وهذا ما توحي به عبارة آخرين (٢).

وهذا الحكم إذا أردنا أن نطبقه على التقسيم الرباعي فإننا سنواجه عددًا من المشكلات العلمية، منها:

١ - أن كثيرًا من تفسير القرآن بالقرآن من باب الاجتهاد، فما لم يكن تفسيرًا صريحًا مباشرًا، أو كان من جهة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه يعود إلى اجتهاد المجتهد من الصحابة فمن بعدهم إلى يومنا هذا، وهو اجتهاد قابل للخطأ والصواب، وقيمته تعلو بكونه مجمعًا عليه أو قول الأكثر أو غير ذلك من علامات القبول، وليس قبوله؛ لأنه تفسير قرآن بقرآن.


(١) انظر: مباحث في علوم القرآن للقطان ص ٣٥٠.
(٢) كالزرقاني، والذهبي، والصباغ (لمحات في علوم القرآن، ص ١٧٧ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>