حنانة من نشم أو تالب تضبح في الكف ضباح الثعلب". [٧٢٦٣] اختُلف في قوله: {والعاديات ضبحا} على قولين: الأول: أنها الخيل. الثاني: أنها الإبل. وقد بيّن ابنُ القيم أنّ قوله: {ضبحا} على القول الأول يكون حالًا، وعلى الثاني يكون مصدرًا. وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٥٧٤ بتصرف) القول الأول -مستندًا إلى دلالة الواقع، واللغة، وأقوال السلف- وعلَّل ذلك بقوله: «وذلك أنّ الإبل لا تَضبح، وإنما تَضبح الخيل، وقد أخبر الله تعالى أنها تعدو ضبحًا، وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل». وذكر أقوال السلف على أنّ الضبح هو الحَمْحَمة. وذكر ابنُ عطية (٨/ ٦٧٣) القولين، ثم قال: «والظاهر في الآية أنّ القسم بالخيل، أو بالإبل، أو بهما». وبيّن ابنُ القيم أنّ ذكر خيل المجاهدين أخصّ ما دخل في هذا الوصف على سبيل التمثيل، وليس الاختصاص، فقال: وذكر خيل المجاهدين أحقّ ما دخل في هذا الوصف، فذكره على وجه التمثيل لا الاختصاص؛ فإنّ هذا شأن خيل المقاتلة، وأشرف أنواع الخيل خيل المجاهدين، والقَسم إنما وقع بما تضمّنه شأن هذه العاديات مِن الآيات البيّنات مِن خلق هذا الحيوان الذي هو من أكرم البهيم وأشرفه، وهو الذي يحصل به العِزّ والظفر والنصر على الأعداء، فتعدو طالبة للعدو وهاربة منه، فيُثير عَدْوها الغبار لشدته، وتُوري حوافرها وسنابكها النار من الأحجار لشدة عَدْوها، فتدرك الغارة التي طلبتها حتى تتوسط جمْع الأعداء، فهذا من أعظم آيات الرّبّ تعالى وأدلة قدرته وحكمته، فذكّرهم بنعمة عليهم في خَلْق هذا الحيوان الذي ينتصرون به على أعدائهم، ويُدركون به ثأرهم، كما ذكّرهم سبحانه بنِعمه عليهم في خَلْق الإبل التي تحمل أثقالهم من بلد إلى بلد، فالإبل أخصّ بحمل الأثقال، والخيل أخص بنُصرة الرجال، فذكّرهم بنِعمه بهذا وهذا".