وذكر ابنُ عطية (٧/ ٩٤) أن «اللام في قوله تعالى: {ليسأل} متعلقة بـ {أخَذْنا}». وذكر لها احتمالين: الأول: «أن تكون لام كي». ووجَّهه بقوله: «أي: بعثت الرسل وأخذت عليهم الميثاق في التبليغ لكي يجعل الله خلقه فرقتين؛ فرقة يسألها عن صدقها، على معنى إقامة الحجة والتقرير، كما قال لعيسى - عليه السلام -: {قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي} [المائدة: ١١٦] فتجيب كأنها قد صدقت الله في إيمانها في جميع أفعالها، فيثيبُها على ذلك، وفرقة كفرت فينالها ما أعدَّ لها من العذاب الأليم». والثاني: «أن تكون اللام في قوله: {لِيَسْأَلَ} لام الصيرورة». ووجَّهه بقوله: «أي: أخذ الميثاق على الأنبياء ليصير الأمر إلى كذا». ورجَّح الاحتمال الأول قائلًا: «والأول أصوب». وذكر (٧/ ٩٤ - ٩٥) أن: «الصدق في هذه الآية يحتمل أن يكون: المضاد للكذب في القول. ويحتمل أن يكون: من صدق الأفعال واستقامتها، ومنه عود صدق، وصدقني السيف والمال». ونقل عن مجاهد أن {الصادقين} في هذه الآية أراد بها: الرسل، أي: يسأل عن تبليغهم، وقال أيضًا: أراد المؤدِّين المبلغين من الرسل «. ثم علَّق على هذه المعاني بقوله:» وهذا كله محتمل". ونقل ابنُ القيم (٢/ ٣٢٧) قول مجاهد، وقول مقاتل بأن المقصود بـ {الصادقين}: النبيين، ثم رجَّح مستندًا للنظائر قائلًا: «والتحقيق: أن الآية تتناول هذا وهذا، فالصادقون هم الرسل والمبلغون عنهم، فيسأل الرسل عن التبليغ ويسأل المبلغين عنهم عن تبليغ ما بلغهم الرسل، ثم يسأل الذين بلغتهم الرسالة ماذا أجابوا المرسلين، كما قال تعالى: {ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ} [القصص: ٦٥]».