١١٠٠ - عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - -من طريق السُّدِّيّ، عن مُرَّة الهمداني- = (١/ ٢٤٤)
١١٠١ - وعبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيّ، عن أبي مالك وأبي صالح-: لَمّا فَرَغَ اللهُ مِن خَلْق ما أحبَّ استوى على العرش، فجعل إبليسُ على مُلْك سماء الدنيا، وكان من قبيلةٍ من الملائكة يقال لهم: الجن؛ وإنما سموا الجِنَّ لأنهم خُزّان الجنة، وكان إبليس مع مُلْكِه خازِنًا، فوقع في صدره كِبْر، وقال: ما أعطاني الله هذا إلا لمزيد (١) لي على الملائكة، فلما وقع ذلك الكِبْرُ في نفسه اطَّلَع الله على ذلك منه، فقال الله للملائكة:{إني جاعل في الأرض خليفة}. قالوا: ربَّنا، وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذريةٌ، يُفْسِدون في الأرض، ويَتَحاسَدُون، ويقتل بعضهم بعضًا. قالوا: ربنا، أتجعل فيها من يفسد فيها، ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟! قال: إني أعلم ما لا تعلمون. يعني: من شأن إبليس. فبعث جبريلَ - عليه السلام - إلى الأرض؛ ليأتيه بطِين منها، فقالت الأرض: إنِّي أعوذ بالله منك أن تنقص مني، أو تُشِينَنِي. فرجع، ولم يأخذ، وقال: ربِّ، إنها عاذتْ بك؛ فأعذتُها. فبعث الله ميكائيل، فعاذت منه، فأعاذها، فرجع، فقال كما قال جبريل، فبعث ملك الموت، فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره. فأخذ من وجه الأرض، وخلط، فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء؛ فلذلك خرج بنو آدم مختلفين، فصعد به، فبلَّ التراب حتى عاد طينًا لازِبًا -واللازِب: هو الذي يلتزق بعضه ببعض-، ثم تُرِك حتى أنتَن وتَغَيَّر، وذلك حين يقول:{من حمإٍ مسنون}[الحجر: ٢٦]، قال: مُنتِن. ثم قال للملائكة:{إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}[ص: ٧٢]، فخلقه الله بيديه لكيلا يتكبر إبليس عليه؛ ليقول له: تتكبَّر عما عَمِلْتُ بيَدَيَّ ولم أتكبر أنا عنه؟ فخلقه بشرًا، فكان جسدًا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمَرَّت به
(١) قال ابن جرير ١/ ٤٨٦: «هكذا قال موسى بن هارون [شيخ ابن جرير]، وقد حدثني به غيره، وقال: لمزية لي».