وقَدْ خِفْتُ حَتّى ما تَزِيدُ مَخافَتِي عَلى وعِلٍ فِي ذِي المَطارَةِ عاقِلِ". ثم رجَّحه ابن جرير (٢٤/ ٤٧٩) -مستندًا إلى اللغة، وأقوال السلف- قائلًا: «وهذا الذي قاله الذي حكينا قوله من أهل العربية، وزعم أنه مما يجوز هو الصحيحُ الذي جاءت به الآثار عن أهل التأويل، وقالوا: نزلت في أبي بكر بِعِتْقِه مَن أعتق من المماليك ابتغاء وجْه الله». ثم وجَّه قوله تعالى: {إلّا ابْتِغاءَ وجْهِ رَبِّهِ الأَعْلى} على هذا المعنى، فقال: "وعلى هذا التأويل الذي ذكرناه عن هؤلاء ينبغي أن يكون قوله: {إلّا ابْتِغاءَ وجْهِ رَبِّهِ الأَعْلى} نصبًا على الاستثناء من معنى قوله: {وما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِن نِعْمَةٍ تُجْزى}؛ لأنّ معنى الكلام: وما يُؤْتِي الذي يُؤْتِي من ماله ملتمسًا من أحدٍ ثوابه، إلا ابتغاء وجْه ربِّه. وجائزٌ أن يكون نصبُه على مخالفة ما بعد {إلا} ما قبلها، كما قال النّابِغةُ: وقَفْتُ فِيها أُصَيْلانًا أُسائِلُها عَيَّتْ جَوابًا وما بِالرَّبْعِ مِن أحَدِ إلّا الأَوارِيُّ لَأْيًا ما أُبَيِّنُها والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بِالمَظْلُومَةِ الجَلَدِ". وعلَّق ابنُ عطية (٨/ ٦٣٧) على ما رجَّحه ابن جرير قائلًا: «وذهب الطبري إلى أنّ المعنى: وليس يُعطي لِيُثاب نعمًا يُجزى بها يومًا وينتظر ثوابها. وحوَّم في هذا المعنى وحلَّق بتطويل غير مُغْنٍ، ويتَّجه المعنى الذي أراد بأيسر من قوله، وذلك أن يكون التقدير: وما لأحد عنده إعطاءٌ ليقع عليه من ذلك الأحد جزاءٌ بَعْدُ، بل هو لمجرد ثواب الله تعالى وجزائه».