ورجَّح ابنُ جرير (١٧/ ٢٣٨) مستندًا إلى السياق القولَ الأول دون الثاني الذي قاله ابن زيد، فقال: «لأنّ الآيات قبل ذلك إنما جاءت بتوبيخ الله للقائلين في عائشة الإفك، والرامين المحصنات الغافلات المؤمنات، وإخبارهم ما خصَّهم به على إفكهم، فكان خَتْمُ الخبر عن أولى الفريقين بالإفك من الرامي والمرمي به أشبه مِن الخبر عن غيرهم». وعلَّق ابنُ عطية (٦/ ٣٦٦) على القول الثاني بقوله: «فمعنى هذه: التفريق بين حُكْمِ عبد الله بن أُبَيٍّ وأشباهه وبين حُكْمِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وفضلاء صحابته -رضوان الله عليهم- وأمته، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - طَيِّب فلم يجعل الله له إلا كل طيبة، وأولئك خبيثون فهم أهل النساء الخبائث». وذكر ابنُ كثير (١٠/ ٢٠٢ - ٢٠٣) أنّ القول الثاني راجع إلى الأول باللازم، فقال: «وهذا أيضًا يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان اللهُ ليجعل عائشة زوجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهي طيبة؛ لأنه أطيب مِن كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثةً لما صلحت له لا شرعًا ولا قدرًا؛ ولهذا قال: {أولئك مبرؤون مما يقولون} أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان، {لهم مغفرة} أي: بسبب ما قيل فيهم مِن الكذب، {ورزق كريم} أي: عند الله في جنات النعيم. وفيه وعد بأن تكون زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة». [٤٦٢٥] ذكر ابنُ جرير (١٧/ ٢٣٨) أنّه قيل: عُنِي بقوله: {أولئك مبرءون مما يقولون}: عائشة، وصفوان بن المعطل الذي رُمِيَت به. ووجَّهه بقوله: «فعلى هذا القول قيل: {أولئك} جمع، والمراد: ذانك، كما قيل: {فإن كان له إخوة} [النساء: ١١]، والمراد: أخوان». ونسب ابنُ عطية (٦/ ٣٦٧) القول كاملًا للنقاش، وانتقده بقوله: «وفي هذا التمثيل بآية الإخوة نظر».