للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإسراف: الشِّرْك، والقتل، والزِّنا، فلا ذنبَ أعظم إسرافًا مِن الشِّرك (١) [٥٦٤١]. (ز)

{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}

٦٧٥١١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ}، يقول: لا تيأسوا من رحمة الله (٢). (١٢/ ٦٧٤)

٦٧٥١٢ - قال مقاتل بن سليمان: يقول: {لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه} لأنهم ظنُّوا ألا توبة لهم (٣). (ز)


[٥٦٤١] اختلف السلف في نزول الآية على أقوال: الأول: أنها نزلت في قوم من أهل الشرك، قالوا لما دُعوا إلى الإيمان بالله: كيف نؤمن وقد أشركنا وزنينا، وقتلنا النفس التي حرّم الله، والله يَعِد فاعلَ ذلك النار؟! الثاني: نزلت في قوم من أهل الإسلام، وقالوا: تأويل الكلام: إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن يشاء، قالوا: وهي كذلك في مصحف عبد الله، وقالوا: إنما نزلت هذه الآية في قوم صدّهم المشركون عن الهجرة وفتنوهم، فأشفقوا أن لا يكون لهم توبة. الثالث: نزلت في قوم كانوا يرون أهل الكبائر من أهل النار، فأعلمهم الله بذلك أنه يغفر الذنوب جميعًا لمن يشاء.
وقد رجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٢٣٠) العموم، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عنى -تعالى ذكره- بذلك جميعَ مَن أسرف على نفسه من أهل الإيمان والشرك؛ لأن الله عم َّبقوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} جميع المسرفين، فلم يخصّص به مسرفًا دون مسرف. فإن قال قائل: فيغفر الله الشرك؟ قيل: نعم، إذا تاب منه المشرك، وإنما عنى بقوله: {إن الله يغفر الذنوب جميعًا} لمن يشاء، كما قد ذكرنا قبل أن ابن مسعود كان يقرؤه، وأن الله قد استثنى منه الشرك إذا لم يتب منه صاحبه، فقال: إن الله لا يغفر أن يُشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فأخبر أنه لا يغفر الشرك إلا بعد توبة بقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا} [الفرقان: ٧٠]، فأما ما عداه فإن صاحبه في مشيئة ربه؛ إن شاء تفضّل عليه، فعفا له عنه، وإن شاء عدل عليه فجازاه به».
وبنحوه ابنُ عطية (٧/ ٤٠٣)، قال: «هذه الآيةُ عامةٌ في جميع الناس إلى يوم القيامة؛ في كل كافر ومؤمن، أي: إنّ توبة الكافر تمحو ذنوبه، وتوبة العاصي تمحو ذنبه».

<<  <  ج: ص:  >  >>