وذَهَبَ ابنُ جرير (٢٣/ ٥٨٧) إلى العموم، فقال: «أولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْره- أقسم بالنّاشِرات نشرًا، ولم يخْصُص شيئًا من ذلك دون شيء، فالرياح تَنشُر السحاب، والمطر يَنشُر الأرض، والملائكة تَنشُر الكتب، ولا دلالة مِن وجهٍ يجب التسليم له على أنّ المراد مِن ذلك بعضٌ دون بعضٍ، فذلك على كلِّ ما كان ناشرًا». وذَهَبَ ابنُ كثير (١٤/ ٢٢٠ بتصرف) إلى القول الأول «وهو قول ابن مسعود، والحسن، وقتادة»، فقال: «الأظهر أنّ ... النّاشِرات: هي الرياح التي تَنشُر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب - عز وجل -». ولم يذكر مستندًا. وقال ابنُ القيم (٣/ ٢٤٤)، فقال: «ويدل على صحة قولهم قوله تعالى: «وهُوَ الَّذِي يَرْسُلُ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» [الأعراف: ٥٧]، يعني: أنها تَنشُر السحاب نشرًا، وهو: ضد الطي». ثم قال: «قلت: ويجوز أن تكون النّاشِرات لازمًا لا مفعول له، ولا يكون المراد أنهنّ نشَرن كذا؛ فإنه يقال: نشَر الميت حي، وأنشَره الله إذا أحياه، فيكون المراد بها: الأنفس التي حَييتْ بالعُرف الذي أُرسِلتْ به المرسلات، أو الأشباح والأرواح والبقاع التي حَييتْ بالرياح المرسلات؛ فإنّ الرياح سبب لنشور الأبدان والنبات، والوحي سبب لنشور الأرواح وحياتها». ونقل ابنُ عطية (٨/ ٥٠٢، ٥٠٣) في معنى الآية أقوالًا أخرى، ووجَّه بعضها، فقال: "وقال بعض المتأولين: النّاشِرات: طوائف الملائكة التي تُباشر إخراج الموتى من قبورهم للبعْث، فكأنهم يحيونهم. وقال قوم: النّاشِرات: الرمم في بعث يوم القيامة، يقال: نشَر الميت، ومنه قول الأعشى: يا عجبًا للمَيِّتِ النّاشر وقيل: النّاشِرات: البقاع التي تحيا بالأمطار، شُبِّهتْ بالميت يُنشر".