[٢٤٢] وجَّه ابنُ جرير (١/ ٧١٤ - ٧١٥ بتصرف) معنى السجود في أثر ابن عباس قائلًا: «وأصل السجود: الانحناء لمن سجد له معظمًا بذلك. فكل مُنْحَنٍ لشيء تعظيمًا له فهو ساجد ... فذلك تأويل ابن عباس قوله: {سجدا}: ركعًا؛ لأن الراكع منحنٍ، وإن كان الساجد أشد انحناء منه».ووجَّه ابنُ تيمية (١/ ٢١٤ - ٢١٦) تفسير السجود بالانحناء أو بالركوع بقوله: «السجود في اللغة: هو الخضوع. وقال غير واحد من المفسرين: أمروا أن يدخلوا رُكَّعًا منحنين، فإنّ الدخول مع وضع الجبهة على الأرض لا يمكن، وقد قال تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} ... ، ومعلوم أنّ سجود كل شيء بحسبه، ليس سجود هذه المخلوقات وضع جباهها على الأرض، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... لما غربت الشمس: «إنها تذهب فتسجد تحت العرش» ... فعُلِم أنّ السجود اسم جنس، وهو كمال الخضوع لله». وقال أيضًا: «من قال بهذا -كان سجود أحدهم على خده- أو قال بأنهم أمروا بالركوع، فهو يقول دخولهم وهم سجد بالأرض فيه صعوبة، وقد يؤذي أحدهم، ولكن هو ممكن، فإنّ الإنسان يمكنه حال السجود أن يزحف إذا كانت الأرض لا تؤذيه». وانتَقَدَ ابنُ تيمية (١/ ٢١٧) أيضًا هذا المعنى بقوله: « ... وقال: قيل ادخلوا رُكَّعًا، فلو جزمنا أن هذا مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لجزمنا بأنّ الله أمرهم بالركوع، لكن ظاهر القرآن هو السجود، والسجود المطلق هو السجود المعروف، وكون الباب جعل صغيرًا إنما يكون لمن يُكره على الدخول منه ليحتاج أن ينحني، وهؤلاء قصدت طاعتهم، فأمروا بالخضوع لله والاستغفار، فدخولهم سُجَّدًا هو خضوع لله». ورجَّح ابنُ عطية (١/ ٢٢٢) عموم معنى السجود للقولين، فقال: «و {سجَّدًا} قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: معناه: ركوعًا. وقيل: متواضعين خضوعًا لا على هيئة معينة. والسجود يعم هذا كله؛ لأنه التواضع».