للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)}

[نزول الآيات]

٥٤٦٧٥ - عن عبد الله بن عباس: أنّ أبا مُعَيْط كان يجلس مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمكة لا يُؤذِيه، وكان رجلًا حليمًا، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذَوْه، وكان لأبي مُعَيط خليلٌ غائِب عنه بالشام، فقالت قريش: صبأ أبو مُعَيْط. وقدِم خليله مِن الشام ليلًا، فقال لامرأته: ما فعل محمدٌ مِمّا كان عليه؟ فقالت: أشد مِمّا كان أمرًا. فقال: ما فعل خليلي أبو مُعيط؟ فقالت: صبأ. فبات بليلة سوء، فلما أصبح أتاه أبو مُعيط، فحيّاه، فلم يرد عليه التحية، فقال: ما لكَ لا ترد عَلَيَّ تَحِيَّتِي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيَّتُك وقد صَبَوْتَ؟ قال: أوَقَد فعلتها قريش؟ قال: نعم. قال: فما يُبْرِئ صدورهم إن أنا فعلت؟ قال: تأتيه في مجلسه، فتبزق في وجهه، وتشتمه بأخبث ما تعلم مِن الشتم. ففعل، فلم يزِدِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أن مسح وجهه من البزاق، ثم التفت إليه، فقال: «إن وجدتُك خارجًا مِن جبال مكة؛ أضرب عنقك صبرًا». فلمّا كان يوم بدر، وخرج أصحابُه؛ أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: اخرج معنا. قال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجًا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرًا. فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طِرْتَ عليه. فخرج معهم، فلمّا هزم اللهُ المشركين، وحَلَ به جَمَلُه في جَدَدٍ (١) من الأرض، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسيرًا في سبعين مِن قريش، وقدم إليه أبو مُعيط، فقال: أتقتلني مِن بين هؤلاء؟ قال: «نعم، بِما بزقت في وجهي». فأنزل الله في أبي مُعيط: {ويوم يعض الظالم على يدي} إلى قوله: {وكان الشيطان للإنسان خذولا} (٢). (١١/ ١٦٣)

٥٤٦٧٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- قال: كان


(١) الجَدَدُ من الأرض: المستوي منها. والمعنى: كأنه يسير به في طين، وهو في أرض صلبة. النهاية (وحل) و (جدد).
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل.
قال السيوطي: «سند صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>