ووجَّه القولَ بعدم النسخ بأنّ المعنى: قاتِلُوا هؤلاء الذين قال الله فيهم: {فَإنْ قاتَلُوكُمْ}. ثُمَّ رَجَّح (١/ ٤٦٥) القولَ الأولَ مُسْتَنِدًا إلى سياق الآية، فقال: «والأَوَّلُ أظهرُ، وهو أمرٌ بقتال مطلقٍ، لا بشرط أن يبدأ الكفار، دليل ذلك قوله: {ويَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}». وحكى ابنُ جرير الخلافَ في قراءة هذه الآية بَيْنَ مَن قرأها: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه} بمعنى: ولا تَبْتَدِؤوا -أيها المؤمنون- المشركين بالقتال عند المسجد الحرام حتى يبدءوكم به. وبَين مَن قرأها:» ولا تَقْتُلُوهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يَقْتُلُوكُمْ فِيهِ «بمعنى: ولا تبدؤوهم بقتلٍ حتى يبدءوكم به. ورجَّح (٣/ ٢٩٨) القراءةَ الأولى مُسْتَنِدًا إلى الدلالات العقلية، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- لم يأمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في حال إذا قاتلهم المشركون بالاستسلام لهم حتى يقتلوا منهم قتيلًا بعد ما أذن له ولهم بقتالهم». ثم قال: «وقد نَسَخَ الله -تعالى ذِكْرُه- هذه الآية بقوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، وقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: ٥]، ونحو ذلك من الآيات».