ورجَّحَ ابنُ جرير (١٢/ ٢٤٢ - ٢٤٤ بتصرف) قراءة قوله تعالى: {ما جئتُم به السحرُ} بغير ألف الاستفهام استنادًا إلى الدلالة العقلية، والقراءات، فقال: «وأَوْلى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءةُ مَن قرأه على وجه الخبر، لا على الاستفهام؛ لأنّ موسى -صلوات الله وسلامه عليه- لم يكن شاكًّا فيما جاءت به السحرةُ أنّه سحر لا حقيقةَ له فيحتاج إلى استخبار السحرة عنه أيَّ شيء هو؟ وأخرى أنّه -صلوات الله عليه- قد كان على عِلْمٍ مِن السحرة إنما جاء بهم فرعون لِيُغالِبوه على ما كان جاءهم به مِن الحق الذي كان اللهُ آتاه، فلم يكن يذهب عليه أنهم لم يكونوا يُصَدِّقونه في الخبر عمّا جاءوه به من الباطل فيستخبرهم أو يستجيز استخبارهم عنه، ولكنه -صلوات الله عليه- أعلمهم أنّه عالم بِبُطول ما جاءوا به مِن ذلك بالحقِّ الذي أتاه، ومُبْطِلٌ كيدَهم بجَدِّه. وهذه أولى بصفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخرى، وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب: (ما أتَيْتُم بِهِ سِحْرٌ)، وفي قراءة عبد الله بن مسعود: (ما جِئْتُم بِهِ سِحْرٌ)، وذلك مِمّا يُؤَيِّد قراءة مَن قرأ بنحو الذي اخترنا من القراءة فيه». وبنحو ذلك التأييد قال ابنُ عطية (٤/ ٥١١)، ثم قال: «والتعريف هنا في {السحر} أرتب؛ لأنه قد تقدم منكرًا في قولهم: {إن هذا لسحر} فجاء هنا بلام العهد، كما يقال في أول الرسالة: سلام عليك، وفي آخرها: والسلام عليك». وبنحوه قال ابنُ جرير (١٢/ ٢٤٣).