وقد رجّح ابنُ جرير (١٠/ ٣٣٨) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الثاني الذي هو قول أبي بن كعب، والربيع، مُعَلِّلًا ذلك بقوله: «وذلك أنّ مَن سبق في علم الله -تبارك وتعالى- أنّه لا يؤمن به فلن يؤمن أبدًا، وقد كان سبق في علم الله تعالى لمن هلك من الأمم التي قصَّ نبأَهم في هذه السورة أنّه لا يؤمن أبدًا، فأخبر -جلَّ ثناؤه- عنهم أنّهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذبون في سابق علمه قبل مجيء الرسل وعند مجيئهم إليهم. ولو قيل: تأويله: فما كان هؤلاء الذين ورثوا الأرض -يا محمد- من مشركي قومك من بعد أهلها الذين كانوا بها من عاد وثمود ليؤمنوا بما كذب به الذين ورثوها عنهم من توحيد الله ووعده ووعيده. كان وجهًا ومذهبًا، غير أني لا أعلم قائلًا قاله مِمَّن يُعْتَمد على علمه بتأويل القرآن». وهذا القول الذي جوّز صوابَه ابنُ جرير غيرَ ألاّ قائل له من أهل التأويل الذين يُعتمدُ على قولِهم قال به مقاتل بن سليمان، كما سيأتي في آثار تفسير الآية. وقد أشار ابنُ عطية (٤/ ١١) إلى قول أبي كعب، ثم علَّق عليه قائلًا: «فجعل سابق القدر عليهم بمثابة تكذيبهم بأنفسهم، لا سيما وقد خرج تكذيبهم إلى الوجود في وقت مجيء الرسل».