توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، في الثاني عشر من ربيع الأول عام ١١ من الهجرة، بعد أن تم الوحي وعَلِم عموم الصحابة -رضي اللَّه عنهم- معاني القرآن، من خلال بيانه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو مما تبين لهم بمقتضى فهمهم للغتهم التي نزل بها القرآن، كما تقدم بيانه في المبحث السابق، وقد حمل الصحابة -رضي اللَّه عنهم- لواء تبليغ الدين وسائر علوم الشريعة بعد وفاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن ذلك القرآن وتفسيره، ويمكننا القول: إن عهدهم يمتد منذ وفاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مقتل ابن الزبير -رضي اللَّه عنهما- عام ٧٣ هـ، وهو آخر خليفة صحابي (١)، وقد عاصر الصحابة -رضي اللَّه عنهم- عهدين تاريخيين أساسيين، هما: عهد الخلفاء الراشدين، وعهد الدولة الأموية السفيانية.
وقد كان عهدًا حافلًا بالتفسير، تطور فيه التفسير تطورًا كبيرًا، ولعلنا نجمل بعض ملامح التفسير في هذه العهود التاريخية من خلال الحديث عن كل عهد في المطالب التالية:
(١) يلاحظ أنه بعد ذلك العهد لم يبق إلا قلة من الصحابة، لم يكن لهم أي دور يذكر في الحياة السياسية، كما لم يكن لهم أثر بارز في التفسير سوى مرويات معدودة في أحكام القرآن وبعض الآيات، خصوصًا عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، مما يعضد اختيارنا كون هذه السنة هي حد منتهى عصر الصحابة.