وذكر هذا الأثر ابنُ كثير (١٤/ ٤٠٤ - ٤٠٥) ثم انتقده -مستندًا إلى دلالة التاريخ والعقل وأحوال النزول- فقال: «قلتُ: وقول القاسم بن الفضل الحداني إنه حسب مدة بني أُميّة فوجدها ألف شهر لا تزيد يومًا ولا تنقص، ليس بصحيح؛ فإنّ معاوية بن أبي سفيان? استقلّ بالمُلك حين سَلّم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين، واجتمعت البيعة لمعاوية، وسُمِّي ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزُّبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبًا من تسع سنين، لكن لم تزل يدهم عن الإمرة بالكلية، بل عن بعض البلاد، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة، وذلك أزيد من ألف شهر، فإنّ الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزُّبير، وعلى هذا فتقارب ما قاله الصحة في الحساب، والله أعلم. ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذمّ دولة بني أُميّة، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق؛ فإنّ تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذمّ أيامهم، فإنّ ليلة القدر شريفة جدًّا، والسورة الكريمة إنما جاءتْ لمدح ليلة القدر، فكيف تُمدح بتفضيلها على أيام بني أُميّة التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث. ثم الذي يُفهم من ولاية الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أُميّة، والسورة مكّيّة، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أُميّة، ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها؟! والمنبر إنما صُنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة، فهذا كلّه مما يدل على ضعف هذا الحديث ونكارته».