للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفزاري (١)، والوليد بن المُغيرة، والنَّضر بن الحارث، وأُبَيّ بن خلف، -بعد موت أبي طالب- اجتمعوا في دار النَّدوة بمكة ليمكروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سرًّا عند انقضاء المدة، فأتاهم إبليس في صورة شيخ كبير، فجلس إليهم، فقالوا له: ما أدخلكَ في جماعتنا بغير إذننا؟ قال عدوّ الله: أنا رجل من أهل نَجد، وقدمتُ مكة، فرأيتكم حسنةً وجوهُكم، طيّبةً ريحُكم، فأردتُ أن أسمع حديثكم، وأشير عليكم، فإنْ كرهتم مجلسي خرجتُ من بينكم. فقال بعضهم لبعض: هذا رجل مِن أهل نَجد، ليس من أهل مكة، فلا بأس عليكم منه. فتكلّموا بالمكر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو البختري بن هشام -من بني أسد بن عبد العُزّى-: أمّا أنا فأرى أن تأخذوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فتجعلوه في بيت، وتسدّوا عليه بابه، وتجعلوا له كوّة لطعامه وشرابه حتى يموت. فقال إبليس: بئس الرأي رأيتم، تعمدون إلى رجل له فيكم صغو (٢)، قد سمع به مَن حولكم، تحبسونه في بيت، وتُطعمونه وتسقونه، فيوشك الصغو الذي له فيكم أنْ يقاتلكم عنه، ويفسد جماعتكم ويسفك دماءكم. قالوا: صدق -واللهِ- الشيخ. فقال هشام بن عمرو -من بني عامر بن لؤي-: أما أنا فأرى أن تحملوه على بعير، فتُخرجوه من أرضكم، فيذهب حيث شاء، ويليه غيركم. فقال إبليس: بئس الرأي رأيتم، تعمدون إلى رجل قد أفسد عليكم جماعتكم، وتبعه طائفة منكم، فتُخرجونه إلى غيركم، فيُفسدهم كما أفسدكم، فيوشك -باللهِ- أنْ يميل بهم عليكم. فقال أبو جهل: صدق -واللهِ- الشيخ. فقال أبو جهل بن هشام: أمّا أنا فأرى أن تعمدوا إلى كلِّ بطنٍ من قريش، فتأخذوا من كل بطن منهم رجلًا، فتُعطون كلَّ رجل منهم سيفًا، فيضربونه جميعًا، فلا يدري قومُه مَن يأخذون به، وتؤدِّي قريش دِيَته. فقال إبليس: صدق -والله- الشاب. فتفرّقوا عن قول أبي جهل، فنزل جبريل - عليه السلام -، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ائتمروا به، وأمره بالخروج، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من ليلته إلى الغار. وأنزل الله تعالى في شرّهم الذي أجمعوا عليه: {أمْ أبْرَمُوا أمْرًا فَإنّا مُبْرِمُونَ} (٣). (ز)

[تفسير الآية]

٦٩٧٩٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {أمْ أبْرَمُوا أمْرًا فَإنّا


(١) كذا في المصدر، ولا يخفى أنه ليس من قريش.
(٢) صاغِيَة الرجل: الذين يميلون إليه ويأْتونه ويطلبون ما عنده. لسان العرب (صغا).
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٨٠٣ - ٨٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>