للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلم. فلمّا بلغهم أنّ الوليد رجع مِن عندهم بعثوا وفْدًا مِن وجوههم، فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فقالوا: يا رسول الله، إنك أرسلتَ إلينا مَن يأخذ صدقاتنا، فسُرِرنا بذلك، وأردْنا أن نتلقّاه، فذُكر لنا أنه رجع من بعض الطريق، فخِفنا أنه إنما ردّه غضبٌ علينا، وإنّا نعوذ بالله مِن غضَبه وغضَب رسوله، واللهِ، ما رأيناه، ولا أتانا، ولكن حمله على ذلك شيء كان بيننا وبينه في الجاهلية ... ، فصدّقهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى في الوليد ثلاث آيات متواليات بفسْقه وبكذِبه (١). (ز)

[تفسير الآية]

٧١٦٤٦ - عن الضَّحّاك بن مُزاحِم، في قوله: {إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ} الآية، قال: إذا جاءك فحدّثك أنّ فلانًا، أنّ فلانة، يعملون كذا وكذا مِن مساوئ الأعمال، فلا تصدّقه (٢). (١٣/ ٥٥٢)

٧١٦٤٧ - قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ} إن جاءكم كاذب بحديثٍ كذبٍ {فَتَبَيَّنُوا أنْ تُصِيبُوا} قتْل {قَوْمًا بِجَهالَةٍ} وأنتم جُهّال بأمرهم، يعني: بني المُصْطَلق، {فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ} يعني: الذين انتُدبوا لقتال بني المُصْطَلق (٣) [٦٠٨٩]. (ز)


[٦٠٨٩] قال ابنُ القيم (٣/ ٦ - ٧): «هاهنا فائدة لطيفة، وهي أنه سبحانه لم يأمر بردّ خبر الفاسق وتكذيبه وردّ شهادته جملة، وإنما أمر بالتبيّن، فإن قامت قرائن وأدلة مِن خارجٍ تدل على صدقه عُمِل بدليل الصدق، ولو أخبر به مَن أخبر، فهكذا ينبغي الاعتماد في رواية الفاسق وشهادته، وكثير من الفاسقين يصدُقون في أخبارهم ورواياتهم وشهاداتهم، بل كثير منهم يتحرّى الصدق غاية التحري، وفِسْقه من جهات أُخر، فمثل هذا لا يُردّ خبره ولا شهادته، ولو رُدّت شهادة مثل هذا وروايته لتعطّلت أكثر الحقوق، وبطل كثير من الأخبار الصحيحة، ولاسيما مَن فِسْقه مِن جهة الاعتقاد والرأي، وهو متحرٍّ للصدق، فهذا لا يُردّ خبره ولا شهادته. وأمّا مَن فِسْقه مِن جهة الكذب فإن كثر منه وتكرر بحيث يغلب كذبه على صدقه، فهذا لا يُقبل خبره ولا شهادته، وإن ندر منه مرة ومرتين ففي ردّ شهادته وخبره بذلك قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد».
وبنحوه قال ابنُ تيمية (٦/ ٤٦ - ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>