للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)}

٢٦٩٠٥ - عن أُمِّ سلمة هند بنت أبي أُمَيَّة، قالت: لِيَتَّقِيَنَّ امرُؤٌ ألّا يكون مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء. ثم قَرَأَتْ هذه الآية: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} الآية (١). (٦/ ٢٩٥)

٢٦٩٠٦ - عن مُرَّة الطيِّب -من طريق عمرو بن قيس المُلائيِّ- قال: لِيتَّقِ امرؤٌ ألّا يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء. ثم قرأ هذه الآية: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} (٢). (٦/ ٢٩٤)

٢٦٩٠٧ - عن أبي الأحوص عوف بن مالك -من طريق علي بن الأقمر- في قوله: {لست منهم في شيء}، قال: بُرِّئَ منهم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - (٣). (٦/ ٢٩٤)

[النسخ في الآية]

٢٦٩٠٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- في قوله: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}: نزلت بمكة، ثم نسَخها: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية [التوبة: ٢٩] (٤). (٦/ ٢٩١)

٢٦٩٠٩ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {لست منهم في شيء}، قال: لم يُؤمَرْ بقتالهم، ثم نُسِختْ، فأُمِرَ بقتالهم في سورة براءة (٥) [٢٤٤٩]. (٦/ ٢٩٤)


[٢٤٤٩] ذكر ابنُ جرير اختلاف المفسرين في أي شيء نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {لَسْتَ مِنهُمْ فِي شَيْءٍ إنَّما أمْرُهُمْ إلى اللَّهِ}؟ على قولين: الأول: نزلت بالأمر بترك قتال المشركين قبل وجوب فرض قتالهم، ثم نسخها الأمر بقتالهم بقوله: {فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]. وهو قول السدي، ومقاتل بن سليمان. الثاني: نزلت إعلامًا مِن الله له أنّ مِن أُمَّته مَن يُحْدِث بعده في دينه، وليست بمنسوخة. وهو قول أم سلمة، ومرة الطيب، وأبي الأحوص.
ورجَّح ابنُ جرير (١٠/ ٣٥ - ٣٦) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الثاني، واستدل قائلًا: «وليس في إعلامه ذلك -أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -- ما يُوجِب أن يكون نهاه عن قتالهم، لأنّه غيرُ مُحالٍ أن يُقال في الكلام: لست من دين اليهود والنصارى في شيءٍ، فقاتِلْهم، فإنّ أمْرَهم إلى الله في أن يتفضَّل على مَن شاء منهم فيتوب عليه، ويُهلِك مَن أراد إهلاكه منهم كافرًا، فيقبِضَ روحه، أو يَقْتُلَه بيدك على كفره، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون عند مَقْدَمهم عليه».
ثم انتَقَد مستندًا إلى عدم الدليل القولَ بنسخ الآية، فقال: «وإذ كان غيرُ مستحيلٍ اجتماع الأمر بقتالهم وقوله: {لَسْتَ مِنهُمْ فِي شَيْءٍ إنَّما أمْرُهُمْ إلى اللَّهِ}، ولم يكن في الآية دليلٌ واضحٌ على أنها منسوخةٌ، ولا ورد بأنها منسوخةٌ عن الرسولِ خبرٌ، كان غير جائزٍ أن يُقْضى عليها بأنها منسوخةٌ حتى تقوم حجةٌ موجِبَةٌ صحة القول بذلك؛ لِما قد بيَّنّا من أنّ المنسوخ هو ما لم يَجُزِ اجتماعه وناسخه في حالٍ واحدةٍ ... ».
وانتقد ابنُ عطية (٣/ ٥٠٢) قول السدي بأنّ الآية منسوخة، فقال: «وهذا كلام غير متقن، فإنّ الآية خبرٌ لا يَدخُله نسخ». غير أنه وجَّهه بقوله: «ولكنها تضمنت بالمعنى أمرًا بالموادعة، فيُشبه أن يُقال: إنّ النسخ وقع في ذلك المعنى الذي تقرَّر في آيات أُخَر».

<<  <  ج: ص:  >  >>