للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩)}

٢٨٠١١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قوله: {اعْبُدُوا}، أي: وحِّدوا (١). (ز)

٢٨٠١٢ - قال مقاتل بن سليمان: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله} يعني: وحِّدوا الله؛ {ما لكم من إله غيره} يقول: ليس لكم ربٌّ غيرُه، فإن لم تعبدوه {إني أخاف عليكم} في الدنيا {عذاب يوم عظيم} لِشِدَّته (٢). (ز)

[قصة نوح عليه السلام مع قومه]

٢٨٠١٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق إسحاق بن بشر-: أنّ نوحًا بُعِث في الألفِ الثاني، وإنّ آدم لم يمُتْ حتى وُلِدَ له نوحُ في آخر الألف الأوَّل، وكان قد فشَتْ فيهم المعاصي، وكثُرتِ الجبابرةُ، وعَتَوْا عُتُوًّا كبيرًا، وكان نوحٌ يدعوهم ليلًا ونهارًا، سِرًّا وعلانيةً، صبورًا حليمًا، ولم يلقَ أحدٌ من الأنبياء أشدَّ مما لقِي نوحٌ، فكانوا يدخُلون عليه، فيخنُقُونه، ويُضرَبُ في المجالس، ويُطرَدُ، وكان لا يدَعُ على ما يُصنعُ به أن يدعُوَهم، ويقولَ: يا ربِّ، اغفِرْ لقومي فإنّهم لا يعلمون. فكان لا يزيدُهم ذلك إلّا فرارًا منه، حتى إنه لَيُكلِّمُ الرجل منهم، فيَلُفُّ رأسَه بثوبه، ويجعلُ أصابعَه في أُذنَيه لكيلا يسمعَ شيئًا من كلامه، فذلك قولُ الله: {جعلُوا أصابعهم في آذانهم واستغْشوا ثيابهم} [نوح: ٧]. ثم قامُوا من المجلس، فأسرعوا المشي، وقالوا: امضُوا؛ فإنه كذّابٌ. واشتد عليه البلاء، وكان ينتظِرُ القرن بعد القرن، والجيل بعد الجيل، فلا يأتي قَرْنٌ إلا وهو أخبثُ مِن الأوَّل، وأَعْتى مِن الأوَّل، ويقول الرجل منهم: قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا، فلم يزلْ هكذا مجنونًا! وكان الرجلُ منهم إذا أوصى عند الوفاة يقولُ لأولادِه: احذرُوا هذا المجنونَ، فإنّه قد حدثني آبائي أنّ هلاك الناس على يَدَيْ هذا. فكانوا كذلك يتوارثُون الوصيَّة بينهم، حتى إن كان الرجل لَيَحْمِلُ ولدَه على عاتقِه، ثم يقِفُ به عليه، فيقولُ: يا بُنيَّ، إن عشتَ ومِتُّ أنا فاحذَرْ هذا الشيخ. فلمّا طال ذلك به وبهم قالوا: {يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} [هود: ٣٢] (٣). (٦/ ٤٣٧)


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٠٥.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/ ٤٣.
(٣) أخرجه ابن عساكر ٦٢/ ٢٤٣ - ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>