للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعثمان: «خذه بأمانة الله». حين دفع إليه المفتاح، فقال العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: جعلت السقاية فينا، والحجابة لغيرنا! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما ترضون أن يجعل تلك مِمّا تَدْرُون، ونَحَّيْتُ عنكم ما لا تدرون، ولكم أجر ذلك؟». قال العباس: بلى، قال: «بشرفهم بذلك، أيتفضلون على الناس، ولا يفضل الناس عليكم» (١) [١٧٤٤]. (ز)

[تفسير الآية]

١٨٧٨٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- في قوله: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، قال: لَمّا فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ دعا عثمانَ بن طلحة بن أبي طلحة، فلما أتاه قال: «أرِنِي المفتاحَ». فأتاه به، فلما بسط يده إليه قدم العباس، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، اجعله لي مع السِّقاية. فكفَّ عثمانُ يدَه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرني المفتاح، يا عثمان». فبسط يده يعطيه، فقال العباسُ مثلَ كلمته الأولى، فكفَّ عثمانُ يدَه، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عثمان، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح». فقال: هاكَ بأمانة الله. فقام، ففتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثالَ إبراهيم معه قِداحٌ يَسْتَقْسِمُ بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما


[١٧٤٤] اختلف السلف فيمن عنى الله بهذه الآية على ثلاثة أقوال: الأول: أنها نزلت في ولاة الأمور. الثاني: أنها نزلت في عثمان بن أبي طلحة. الثالث: أمر السلطان أن يعظ النساء.
وقد رجَّحَ ابنُ جرير (٧/ ١٧١) مستندًا إلى السياق، وأقوال السلف القول الأول، فقال: «يدل على ذلك ما وعظ به الرعية في: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الراعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة».
وأما ابنُ عطية (٢/ ٥٨٦) فقد رَجَّح مستندًا إلى ظاهر الآية العمومَ في الآية، وأنّها تشمل الولاة ومَن دونهم، فقال: «والأظهر في الآية أنّها عامَّةٌ في جميع الناس، ومع أنّ سببها ما ذكرناه تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال، ورد الظلامات، وعدل الحكومات، وغيره، وتتناولهم ومن دونهم من الناس في حفظ الودائع، والتحرز في الشهادات، وغير ذلك، كالرجل يحكم في نازلة ما ونحوه، والصلاة، والزكاة، والصيام، وسائر العبادات أمانات لله تعالى».

<<  <  ج: ص:  >  >>