وذَهَبَ ابنُ جرير (١٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤) إلى أنّ القوم استعاذوا بالله من كل معنًى يكون صادًّا لقوم فرعون عن الإيمان بالله بأسبابهم، فقال: «الصواب من القول في ذلك أن يُقال: إنّ القوم رغبوا إلى الله في أن يُجيرهم مِن أن يكونوا مِحْنَةً لقوم فرعون وبلاءً، وكلُّ ما كان مِن أمرٍ كان لهم مصدَّة عن اتباع موسى والإقرار به، وبما جاءهم به، فإنّه لا شك أنّه كان لهم فتنة، وكان مِن أعظم ذلك أن يُسلّطوا عليهم؛ فإنّ ذلك كان لا شكَّ -لو كان- مِن أعظم الأمور لهم إبعادًا من الإيمان بالله ورسوله. وكذلك من المصدَّة كان لهم عن الإيمان: أن لو كان قوم موسى عاجلتهم مِن الله محنةٌ في أنفسهم مِن بَلِيَّة تنزل بهم، فاستعاذ القومُ بالله مِن كل معنًى يكون صادًّا لقوم فرعون عن الإيمان بالله بأسبابهم». وذكر ابنُ عطية (٤/ ١٣٨) قولًا ثالثًا، ثم انتَقَدَه، فقال: «ويحتمل اللفظ من التأويل -وقد قالته فرقة- أنّ المعنى: لا تفتنهم وتبتلهم بقتلنا، فتعذبهم على ذلك في الآخرة. وفي هذا التأويل قَلَقٌ بَيّنٌ».