للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر، وعلي، وأُبي (١).

ونختم الحديث عن ذلك العهد الميمون ببيان أنه توفي فيه عدد من علماء الصحابة، من أبرزهم: معاذ بن جبل (٢)، وأُبي بن كعب (٣)، ثم استشهاد عمر -رضي اللَّه عنه-.

٣ - عهد عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- (٢٣ - ٣٥ هـ):

تولى عثمان الخلافة بعد استشهاد عمر عام ٢٣ هـ، وقد انتظمت أمور الدولة، وتوطدت أركانها، فأكمل ما بدأه صاحباه أبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهم-، من فتوحات، وبناء وتعليم، فكانت الحياة العلمية على مثل ما كانت عليه في عهد عمر، فابن مسعود في الكوفة مقرئًا ومعلمًا ومربيًّا، ومثله أبو الدرداء بدمشق، وأبو موسى بالبصرة، وكذلك حذيفة بن اليمان، وفي المدينة علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت. . .

ولعل من أبرز الأعمال المتعلقة بالقرآن التي كانت في عهده هو جمع القرآن الكريم، وإرسال نسخ منه إلى الأمصار، وتوحيد الناس على مصدر واحد وأداء واحد في القراءة وفق العرضة الأخيرة، وحسم مادة الخلاف في ذلك (٤)، بعد ما كاد الناس أن يكفِّر بعضهم بعضًا (٥)، ولا شك أن لهذا العمل أثره الكبير في التفسير والقراءات وعلوم القرآن كلها كما هو ظاهر ومعلوم، وهو من أهم أعمال عثمان المتعلقة بالقرآن، أما التفسير فالمروي عنه قليل جدًّا (٦)، ويظهر أنه لم يتصد للتفسير


(١) تفسير القرطبي ١٠/ ١١٠.
(٢) من نجباء الصحابة، وشهد له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه أعلم الأمة بالحلال والحرام -كما عند أحمد ٣/ ١٨٤، ٢٨١، والترمذي (٣٧٩٣، ٣٧٩٤)، وابن ماجه (١٥٤) - وخلّفه على أهل مكة بعد فتحها يقرئهم ويفقههم، ثم أرسله إلى اليمن قاضيًا ومعلمًا، وأرسله عمر إلى الشام مجاهدًا ومعلمًا حتى أدركته المنية هناك في طاعون عمواس عام ١٨ هـ، وله بضع وثلاثون سنة، قال عنه عمر حين خرج إلى الشام: لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه، وفيما كان يفتيهم به، ولقد كنت كلمت أبا بكرٍ أن يحبسه لحاجة الناس إليه، فأبى علي، وقال: رجلٌ أراد وجهًا -يعني: الشهادة- فلا أحبسه، وقد أثنى عليه وعلى علمه كبراء الصحابة حتى قال عنه ابن مسعود: "إن معاذًا كان أمةً قانتًا للَّه حنيفًا". فلما روجع في ذلك قال: "إن الأمة: معلم الخير، والقانت: المطيع، وإن معاذًا، كان كذلك"، ومناقبه كثيرة، ولعل لتقدم وفاته أثر في قلة المرويات عنه.
(٣) عام ١٩ هـ، وقيل: في عهد عثمان عام ٣٢ هـ، وقيل غير ذلك على اختلاف كبير في سنة وفاته، وستأتي ترجمته في الدراسة التالية.
(٤) ينظر حديث حذيفة بن اليمان في: صحيح البخاري (٤٩٨٨).
(٥) ينظر: الفتح ٩/ ١٧، ١٨. وكان ذلك في أوائل سني خلافة عثمان، كما حرره الحافظ ابن حجر.
(٦) يشكل على هذا ما ذكره السيوطي بقوله: "اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود وابن عباس وأُبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد اللَّه بن الزبير، أما الخلفاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>