للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوسف، لم أرَ شيئًا. قال: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}، أي: كالذي قلتُه كذلك يُقْضى لكما (١). (ز)

٣٧٤١٢ - قال مقاتل بن سليمان: فكرِه الخبّازُ تعبير رؤياه، فقال: ما رأيت شيئًا، إنّما كنت ألعب. فقال له يوسف: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}. يقول: رأيتما أو لم تريا فقد وقع بكما ما عَبَّرت لكما (٢). (ز)

[آثار متعلقة بالآية]

٣٧٤١٣ - عن أبي رَزِين، أنّه سَمِع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرُّؤيا على رِجْل طائر، ما لم تُعَبَّر، فإذا عُبِّرَتْ وقَعَت». قال: «والرُّؤيا جزءٌ مِن سِتَّة وأربعين جزءًا مِن النُّبُوَّة -قال: وأحسبه قال-، لا يَقُصُّها إلا على وادٍّ، أو ذي رَأْيٍ» (٣). (ز)

{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا}

٣٧٤١٤ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {وقال للذي ظن أنه ناج}، قال: إنّما عِبارة الرُّؤيا بالظَّنِّ، فيُحِقُّ اللهُ ما يشاء، ويُبطِلُ ما يشاء (٤) [٣٣٦٧]. (٨/ ٢٥٨)


[٣٣٦٧] انتقد ابنُ جرير (١٣/ ١٧١ - ١٧٢) قول قتادة مستندًا للدلالة العقلية، فقال: «وهذا الذي قاله قتادة مِن أنّ عبارة الرؤيا ظنٌّ فإنّ ذلك كذلك مِن غير الأنبياء. فأمّا الأنبياء فغير جائز منها أن تخبر بخبر عن أمر أنّه كائن ثم لا يكون، أو أنّه غير كائن ثم يكون مع شهادتها على حقيقة ما أخبرت عنه أنه كائن أو غير كائن؛ لأنّ ذلك لو جاز عليها في إخبارها لم يؤمن مثل ذلك في كل أخبارها، وإذا لم يؤمن ذلك في أخبارها سقطت حجَّتُها على مَن أرسلت إليه. فإذا كان ذلك كذلك كان غير جائز عليها أن تُخْبِر بخبر إلا وهو حقٌّ وصِدْقٌ. فمعلوم إذ كان الأمر على ما وصفت أنّ يوسف لم يقطع الشهادة على ما أخبر الفتيين اللذين استعبراه أنه كائن، فيقول لأحدهما: {أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} ثم يؤكد ذلك بقوله: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} عند قولهما: لم نر شيئًا، إلا وهو على يقين أن ما أخبرهما بحدوثه وكونه أنّه كائن لا محالة لا شك فيه، وليقينه بكون ذلك قال للناجي منهما: {اذكرني عند ربك}. فبَيِّنٌ إذن بذلك فسادُ القول الذي قاله قتادة».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ٩١) أنّ الظنَّ هاهنا بمعنى اليقين؛ لأنّ ما تقدم من قوله: {قضي الأمر} يلزم ذلك، وهو يقين فيما لم يخرج بعد إلى الوجود. ثم قال: «وقول يوسف - عليه السلام -: {قضي الأمر} دالٌّ على وحيٍ». ووجّه قول قتادة، فقال: «ولا يَتَرَتَّب قولُ قتادة إلا بأن يكون معنى قوله: {قضي الأمر} أي: قُضِي كلامي وقُلْتُ ما عندي وتَمَّ، والله أعلم بما يكون بعد». ثم ساق احتمالًا آخر في تفسير الآية، فقال (٥/ ٩٢): «وفي الآية تأويل آخر، وهو: أن يكون {ظن} مسندًا إلى الذي قيل له: إنه يسقي ربه خمرًا. لأنّه دخلته أُبَّهة السرور بما بُشِّر به، وصار في رتبة مَن يؤمل حين ظنَّ وغلب على معتقده أنه ناج، وذلك بخلاف ما نزل بالآخر المُعَرَّف بالصلب».
وبيّن أنّ قوله: {اذكرني عند ربك} يحتمل ثلاثة احتمالات: الأول: أن يذكره بعلمه ومكانته. الثاني: أن يذكره بمظلمته وما امتحن به بغير حق. الثالث: أن يذكره بهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>