للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المطلب الثالث ارتباط أركان المنهج النقدي بإجراءات وآليات القبول والرد]

وسينصبُّ الحديث فيه على التساهل والتشدد اللذيْن يدوران في فلك منهج المحدِّثين، ولا يصلح الادعاء بأن المنهج يقوم بأحدهما دون الآخر، بوصف منهج المحدثين بالتشدد، ووصف منهج المفسرين والمؤرخين بالتساهل؛ بل منهج المحدثين جامع بين التشدد والتساهل، فما المقصود بهما وما علاقتهما بالقبول والرد؟

* التساهل والتشدد وعلاقتهما بمعيار التصحيح والتضعيف ومحدداته:

ظهر مما سبق أن ثمة علاقة وطيدة وارتباطًا قويًّا بين معيار القبول والرد من جهة وأركان المنهج النقدي من جهة ثانية؛ بحيث يصبح فهم التشدد والتساهل خارج تلك العلاقة تخرصات وظنون، لا تستند إلى سياقات التشدد والتساهل ومساقاتها في عبارات الأئمة.

ومن العجيب في جُلّ البحوث المعاصرة التي تناولت قضية مرويات التفسير والتاريخ أنها تكرر ذكر هذين المصطلحين، ويتبنى كل طرف من الأطراف موقفًا معينًا تجاه المرويات مدعيًا أن موقفه هو التشدد أو موقفه هو التساهل دون بيان لمرادات الأئمة بالتشدد والتساهل، ولذا كان لزامًا ذكر بعض عبارات الأئمة التي ورد فيها التشدد والتساهل والتدقيق في دلالاتها وسياقاتها؛ لعله يظهر لنا مرادهم بجلاء من التشدد والتساهل.

فمن ذلك:

قول ابن مهدي: "إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال؛ تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام؛ تشدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال" (١).


(١) ذكره الحاكم في المستدرك ١/ ٦٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>