للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكذب (١) [٦٩١١]. (ز)

{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)}

[نزول الآية، وتفسيرها]

٨٠١٣٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جُبَير-: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعالج من التنزيل شِدّة، فكان يُحرّك به لسانه وشَفتيه مخافة أن يَتفلَّتَ منه، يريد أن يَحفظه؛ فأنزل الله: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ} قال: يقول: علينا أن نَجمعه في صدرك ثم تقرأه، {فَإذا قَرَأْناهُ} يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فاستَمِع له وأَنصِتْ، {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} أن نُبيّنه بلسانك، وفي لفظ: علينا أن نَقرأه. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق -وفي لفظ:


[٦٩١١] اختُلف في المراد بقوله: {ولو ألقى معاذيره} على أقوال: الأول: لو اعتذر يومئذ لم يُقبل منه. الثاني: لو تَجرّد من ثيابه. الثالث: لو أظهر حُجّته. قاله السُّدِّيّ. الرابع: لو أرخى السُّتور وأغلق الأبواب. الخامس: بل للإنسان على نفسه شهود من نفسه، ولو اعتذر بالقول مما قد أتى من المآثم، وركب من المعاصي، وجادل بالباطل.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٣/ ٤٩٦) -مستندًا إلى السياق- أنّ أولى الأقوال بالصواب قول مَن قال: ولو اعتذر. فقال: «لأنّ ذلك أشبه المعاني بظاهر التنزيل؛ وذلك أنّ الله -جلّ ثناؤه- أخبَر عن الإنسان أنّ عليه شاهدًا من نفسه بقوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} فكان الذي هو أولى أن يَتبع ذلك، ولو جادل عنها بالباطل، واعتذر بغير الحق، فشهادة نفسه عليه به أحقّ وأولى من اعتذاره بالباطل».
ورجَّح ابنُ كثير (١٤/ ١٩٤) -مستندًا إلى النظائر- القول الأخير الذي قاله مجاهد، وعطاء، فقال: «والصحيح قول مجاهد وأصحابه، كقوله: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: ٢٣]، وكقوله: {يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون} [المجادلة: ١٨]».
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٤٧٥) أنّ الحسن قال: المعنى: بل الإنسان على نفسه بَليّة ومِحنة، ووجَّهه بقوله: «كأنه ذهب إلى البصيرة التي هي طريقة الدّم، وداعية طلب الثأر». وانتقده بقوله: «وفي هذا نظر».

<<  <  ج: ص:  >  >>