للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قرأت القرآن} الآيات (١). (٩/ ٣٦٩)

٤٣٢١٣ - قال مقاتل بن سليمان: نزلت في أبي لهب وامرأته، وأبي البَخْتري، وزَمْعَة -اسمه عمرو بن الأسود-، وسهيل، وحويطب، كلهم من قريش (٢). (ز)

[تفسير الآية]

٤٣٢١٤ - عن أسماء بنت أبي بكر -من طريق ابن تَدْرُسَ- قالت: لما نزلت: {تبت يدا أبي لهب} أقبلت العوراء أمُّ جميل ولها ولولَةٌ، وفي يدها فِهرٌ (٣)، وهي تقول:

مُذَمَّمًا أبَينا

ودينه قَلَينا

وأَمرَه عَصَينا

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، وأبو بكر إلى جنبه، فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك. فقال: «إنها لن تراني». وقرأ قرآنًا اعتصم به، كما قال تعالى: {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا}، فجاءت حتى قامت على أبي بكر، فلم ترَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني. فقال أبو بكر: لا، وربِّ هذا البيت، ما هجاك. فانصرفت وهي تقول: قد عَلِمتْ قريشٌ أنِّي بنتُ سيِّدها (٤). (٩/ ٣٦٩)

٤٣٢١٥ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا}. قال: الحجاب المستور: أكِنَّةٌ على قلوبهم أن يفقَهوه، وأن ينتفعوا به؛ أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم (٥) [٣٨٤٨]. (٩/ ٣٧٠)


[٣٨٤٨] لم يذكر ابنُ جرير (١٤/ ٦٠٨) في معنى: {وإذا قَرَأْتَ القُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجابًا مَسْتُورًا} سوى قول قتادة، وابن زيد.
ونقل ابنُ جرير (١٤/ ٦٠٨) عن «بعض نحويي أهل البصرة يقول: معنى قوله: {حِجابًا مَسْتُورًا}: حجابًا ساترًا، ولكنه أُخرِج وهو فاعلٌ في لفظ المفعول، كما يقال: إنك مشئومٌ علينا وميمونٌ، وإنما هو شائمٌ ويامنٌ؛ لأنه من شأَمَهم ويَمَنَهم. قال: والحجاب ههنا: هو الساتر، وقال: {مَسْتُورًا}. وكان غيره من أهل العربية يقول: معنى ذلك: حجابًا مستورًا عن العباد فلا يرونه».
ثم رجَّح (١٤/ ٦٠٩) القول الثاني مستندًا إلى دلالة ظاهر اللفظ، فقال: «وهذا القول الثاني أظهر بمعنى الكلام، أن يكون المستور هو الحجاب، فيكون معناه: أنّ الله ستره عن أبصار الناس؛ فلا تُدْرِكه أبصارهم. وإن كان للقول الأول وجهٌ مفهومٌ».
وانتقد ابنُ عطية (٥/ ٤٨٧) من قال: أن {مستورًا} بمعنى: ساترًا، قائلًا: «وهذا -لغير داعية إليه- تكلُّف، وليس مثاله بمُسَلَّم». ونقل قولًا في قوله: {حِجابًا مَسْتُورًا}: «أنه على جهة المبالغة، كما قالوا: شعرٌ شاعرٌ». ثم انتقده مستندًا إلى دلالة اللغة قائلًا: «وهذا معترض بأن المبالغة أبدًا إنما تكون باسم الفاعل، ومن اللفظ الأول، فلو قال تعالى: حِجابًا حاجِبًا. لكان التنظير صحيحًا».
ورجَّح ابنُ القيم (٢/ ١٣٩) وصف الحجاب بكونه مستورًا «أنه على بابه، أي: مستورًا عن الأبصار فلا يرى». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>