ونقل ابنُ جرير (١٤/ ٦٠٨) عن «بعض نحويي أهل البصرة يقول: معنى قوله: {حِجابًا مَسْتُورًا}: حجابًا ساترًا، ولكنه أُخرِج وهو فاعلٌ في لفظ المفعول، كما يقال: إنك مشئومٌ علينا وميمونٌ، وإنما هو شائمٌ ويامنٌ؛ لأنه من شأَمَهم ويَمَنَهم. قال: والحجاب ههنا: هو الساتر، وقال: {مَسْتُورًا}. وكان غيره من أهل العربية يقول: معنى ذلك: حجابًا مستورًا عن العباد فلا يرونه». ثم رجَّح (١٤/ ٦٠٩) القول الثاني مستندًا إلى دلالة ظاهر اللفظ، فقال: «وهذا القول الثاني أظهر بمعنى الكلام، أن يكون المستور هو الحجاب، فيكون معناه: أنّ الله ستره عن أبصار الناس؛ فلا تُدْرِكه أبصارهم. وإن كان للقول الأول وجهٌ مفهومٌ». وانتقد ابنُ عطية (٥/ ٤٨٧) من قال: أن {مستورًا} بمعنى: ساترًا، قائلًا: «وهذا -لغير داعية إليه- تكلُّف، وليس مثاله بمُسَلَّم». ونقل قولًا في قوله: {حِجابًا مَسْتُورًا}: «أنه على جهة المبالغة، كما قالوا: شعرٌ شاعرٌ». ثم انتقده مستندًا إلى دلالة اللغة قائلًا: «وهذا معترض بأن المبالغة أبدًا إنما تكون باسم الفاعل، ومن اللفظ الأول، فلو قال تعالى: حِجابًا حاجِبًا. لكان التنظير صحيحًا». ورجَّح ابنُ القيم (٢/ ١٣٩) وصف الحجاب بكونه مستورًا «أنه على بابه، أي: مستورًا عن الأبصار فلا يرى». ولم يذكر مستندًا.