للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والخلاصة: أن بداية تدوين التفسير كفَنٍّ مستقلٍّ عن الحديث ظهر في عهد الصحابة، لكن كان للحفظ والاستذكار والمراجعة والتحديث منها، ولم يكن بالتدوين المنظم، والتأليف المرتب المراد به التصنيف للآخرين، وفي ذلك يقول الحافظ ابن رجب: "والذي كان يُكتب في زمن الصحابة والتابعين لم يكن تصنيفًا مرتبًا مُبوَّبًا، وإنما كان يُكتب للحفظ والمراجعة فقط، ثم إنه في زمن تابعي التابعين صُنِّفت التصانيف، وجمع طائفة من أهل العلم كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعضهم جمع كلام الصحابة" (١).

* المرحلة الثانية: مرحلة النسخ التفسيرية:

النسخة والصحيفة مصطلحان مترادفان، والمقصود بهما عند المحدثين "ما اشتمل على حديث فأكثر ينتظمها إسناد واحد" (٢)، وهذا المعنى ينطبق على النسخ التفسيرية (٣)، وعليه فالنسخة التفسيرية: هي ما اشتملت على آثار في تفسير القرآن ينتظمها إسناد واحد.

وتدوين النسخ التفسيرية مرحلة تلت مرحلة مجرد الكتابة، وذلك في عصر التابعين (٧٣ - ١٣٢ هـ) حيث اعتنى التابعون بإملاء التفسير على طلابهم من أتباع التابعين الذين جمعوا تلك النسخ ورووها، وقد تنسب إليهم أو إلى مشايخهم، من ذلك:

١ - تفسير مجاهد (ت: ١٠٢ هـ): فقد روي أن مجاهدًا أملى التفسير على القاسم بن أبي بزة (ت: ١١٥ هـ) وأخذ كتابه الحكم وليث وابن أبي نجيح. قال سفيان بن عيينة: "لم يسمعه أحد من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة أملاه عليه" (٤). ثم أخذ ورقاء اليشكري (ت: ١٦٠ هـ ونيف) هذا التفسير حيث قال: كتاب "التفسير" قرأت نصفه عَلَى ابن أَبي نجيح، وقرأ عَلَيَّ نصفه. وقال ابن أبي نجيح: هذا "تفسير" مجاهد (٥).


(١) شرح علل الترمذي ١/ ٣٧.
(٢) ينظر: معرفة النسخ والصحف الحديثية، لبكر بن عبد اللَّه أبو زيد، دار الراية، ط. ١٤١٢ هـ -١٩٩٢ م، ص ٢١ - ٢٣.
(٣) أسانيد نسخ التفسير ص ٥٩.
(٤) المعرفة والتاريخ ٢/ ١٥٤.
(٥) تهذيب الكمال ٣٠/ ٤٣٥، ثم رواه عن ورقاء آدم بن أبي إياس (ت: ٢٢٠ هـ)، وهو التفسير الموجود بين أيدينا باسم تفسير مجاهد، ورجح بعض المعاصرين أنه تفسير آدم بن أبي إياس المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>