وقد رجّح ابنُ جرير (١٧/ ٥٥٩ - ٥٦٠) القول الأول مستندًا للغة، والسياق، فقال: «يعني بقوله: {وتلك نعمة تمنها علي}: وتلك تربية فرعون إيّاه، يقول: وتربيتك إيّاي، وتركك استعبادي كما استعبدت بني إسرائيل نعمةٌ منك تَمُنُّها عَلَيَّ بحق. وفي الكلام محذوف استغنى بدلالة ما ذكر عليه عنه، وهو: وتلك نعمة تمنها عَلَيَّ أن عبدت بني إسرائيل وتركتني، فلم تستعبدني، فترك ذكر: وتركتني؛ لدلالة قوله: {أن عبدت بني إسرائيل} عليه، والعرب تفعل ذلك اختصارًا للكلام». وعلّق ابنُ عطية (٦/ ٤٧٧) على القولين، فقال: «ولكل وجه ناحيةٌ مِن الاحتجاج؛ فالأول ماضٍ في طريق المخالفة لفرعون ونقض كلامه كله، والثاني مُبْدٍ مِن موسى - عليه السلام - أنّه مُنصِف مِن نفسه، مُعْتَرِف بالحق، ومتى حصل أحد المجادلين في هذه الرتبة، وكان خصمه في ضدها؛ غلب المتصف بذلك، وصار قوله أوقع في النفوس».