للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحياة الدنيا} عن دينهم الإسلام، ويقول الله للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وشهدوا على أنفسهم} في الآخرة {أنهم كانوا كافرين} في الدنيا، وذلك حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك والكفر في الدنيا [٢٤٠٧]، ثم قال الخازن في التقديم: {النار مثواكم} يعني: مأواكم {خالدين فيها} لا يموتون، ثم استثنى فقال: {إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} [الأنعام: ١٢٨] حكم عليهم حقًّا بذلك الهلاك، كفعله بالأمم الخالية في سورة أخرى (١). (ز)

{ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (١٣١)}

٢٦٢٣٥ - قال محمد بن السائب الكلبي: لم يهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم الرسل (٢). (ز)

٢٦٢٣٦ - قال مقاتل بن سليمان: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى} يعني: مُعَذِّب أهل القرى {بظلم} بغير ذنب في الدنيا {وأهلها غافلون} عن العذاب حتى يبعث في أُمِّها رسولا ينذرهم بالعذاب حُجَّةً عليهم (٣) [٢٤٠٨]. (ز)


[٢٤٠٧] علَّقَ ابنُ عطية (٣/ ٤٦٣) على قوله تعالى: {وشَهِدُوا عَلى أنْفُسِهِمْ أنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ} قائلًا: «تظهر بينه وبين ما في القرآن من الآيات التي تقتضي إنكارَ المشركين الإشراكَ مناقضةٌ، والجمع بينهما هو إما طوائف، وإما طائفة واحدة في مواطن شتى، وإما أن يريد سبحانه بقوله هنا: {وشهدوا على أنفسهم} شهادة الأيدي والأرجل والجلود بعد إنكارهم بالألسنة. قال القاضي أبو محمد: واللفظ ها هنا يبعد من هذا».
[٢٤٠٨] قوله تعالى: {ذَلِكَ أن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأَهْلُها غافِلُونَ} يتوجه فيه معنيان: أحدهما: وما كان ربك مهلك القرى بظلم أهلها حتى يقدم إنذارهم، ويرفع أعذارهم، ويخرجوا من حكم الغافلين فيما ينزل بهم. والثاني: وما كان ربك مهلك القرى بظلم منه، ولكن بحق استوجبوا به الهلكة. وهو معنى قول مقاتل.
وذَهَبَ ابن جرير (٩/ ٥٦٣ - ٥٦٤ بتصرف)، وابنُ عطية (٣/ ٤٦٣ - ٤٦٤)، وابنُ كثير (٦/ ١٧٧) إلى القول الأول استنادًا إلى دلالة السياق، قال ابن جرير: «وأولى القولين بالصواب عندي أن يكون معناه: أن لم يكن ليهلكهم بشركهم دون إرسال الرسل إليهم والإعذار بينه وبينهم، وذلك أنّ قوله: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم} عقيب قوله: {ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي}، فكان في ذلك الدليل الواضح على أنّ نص قوله: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم} إنّما هو: إنّما فعلنا ذلك من أجل أنّا لا نهلك القرى بغير تذكير وتنبيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>