[٧٨٣] اختُلِف فيمن عُنِي بفرض الجهاد؛ فقال قوم: عُنِي بذلك: أصحاب النبي دون غيرهم. وقال غيرهم بوجوبه على المسلمين إلى قيام الساعة. وقال آخرون: هو على كل أحد حتى يقوم به مَن في قيامه به الكفاية. ورَجَّح ابنُ جرير (٣/ ٦٤٥) القولَ الأخير مستندًا إلى القرآن، والإجماع، فقال: «وذلك هو الصواب عندنا؛ لإجماع الحجة على ذلك، ولقول الله - عز وجل -: {فضل الله المجاهدين بأموالهم، وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى} [النساء: ٩٥]، فأخبر -جَلَّ ثناؤُه- أنّ الفضل للمجاهدين، وأنّ لهم وللقاعدين الحسنى، ولو كان القاعدون مُضَيِّعين فرضًا لكان لهم السوأى لا الحسنى». وقال ابنُ عطية (١/ ٥١٩) بعد ذِكْرِه لهذا القول: «واستمر الإجماع على أنّ الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به مَن قام مِن المسلمين سقط عن الباقين، إلا أن ينزل العدوُّ بساحةٍ للإسلام، فهو حينئذ فرض عين». وذكر أنّ المهدوي وغيره نقلوا عن الثوري أنّه قال: الجهاد تطوع. ووجَّهه بقوله: «وهذه العبارة عندي إنما هي على سؤال سائل وقد قيم بالجهاد، فقيل له: ذلك تطوع».