للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة ولا يظلمون نقيرا}. قال: ووعد الله المؤمنين أن يُكَفِّر عنهم سيئاتهم، ولم يَعِد أولئك. وقرأ: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} [العنكبوت: ٧] (١) [١٨٦٠]. (ز)

[آثار متعلقة بالآية]

٢٠٣٢٦ - عن الحسن البصري -من طريق زكريا-قال: إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل (٢). (٥/ ٣٦)


[١٨٦٠] اختُلِف في المخاطب بقوله: {ليس بأمانيكم} على ثلاثة أقوال: الأول: هم أهل الشرك من عبدة الأوثان. والثاني: هم أهل الكتاب خاصة. والثالث: هم أهل الإسلام.
ورجَّح ابنُ جرير (٧/ ٥١٤ - ٥١٥ بتصرف) القول الأول الذي قاله مجاهد وابن زيد، وانتَقَد البقية مستندًا إلى السياق، فقال: «لأن المسلمين لم يَجْرِ لأمانيهم ذِكْرٌ فيما مضى مِن الآي قبل قوله: {ليس بأمانيكم}، وإنما جرى ذكر أماني نصيب الشيطان المفروض، وذلك في قوله: {ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام}، وقوله: {يعدهم ويمنيهم}؛ فإلحاق معنى قوله: {ليس بأمانيكم} بما قد جرى ذكره قبلُ أحقُّ وأولى مِن ادِّعاء تأويلٍ فيه لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا أثر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا إجماع من أهل التأويل ... ومما يدل أيضًا على صِحَّة ما قلنا ... : إنّ الله وصف وعْد الشيطان ما وعَدَ أولياءه، وأخبر بحال وعْدِه الصادق بقوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا}، وقد ذكر -جلَّ ثناؤه- مع وصفه وعد الشيطان أولياءه وتمنيته إياهم الأماني بقوله: {يعدهم ويمنيهم} كما ذكر وعده إياهم، فالذي هو أشْبه أن يُتبِع تمنيته إياهم من الصفة بمثل الذي أتبع عِدَتَه إياهم به من الصفة. وإذ كان ذلك كذلك صَحَّ أنّ قوله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} {من يعمل سوءا يجز به} الآية إنّما هو خبر من الله عن أماني أولياء الشيطان، وما إليه صائِرَةٌ أمانيهم مع سَيِّء أعمالهم من سوء الجزاء، وما إليه صائرة أعمال أولياء الله من حسن الجزاء. وإنما ضمَّ -جل ثناؤه- أهل الكتاب إلى المشركين في قوله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} لأن أماني الفريقين من تمنية الشيطان إياهم التي وعدهم أن يُمَنِّيهُمُوها بقوله: {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم}».
ورجَّح ابنُ تيمية (٢/ ٣٤٣ - ٣٤٤ بتصرف) القول الأخير مستندًا إلى أحوال النزول، فقال: «[وهو] أشهر في النقل، وأظهر في الدليل؛ لأن السورة مدنية بالاتفاق، فالخطاب فيها مع المؤمنين كسائر السور المدنية».

<<  <  ج: ص:  >  >>