وقد رجّح ابنُ جرير (٧/ ٢٧٦ - ٢٧٧) مستندًا إلى السنة القول الثاني، فقال: «وأولى التأويلين بتأويل الآية قولُ مَن قال: ذلك في أهل الإسلام. ووجَّه معناه إلى أنّه يرد السلام على المسلم إذا حياه تحية أحسن من تحيته أو مثلها. وذلك أن الصحاح من الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم». فبيَّن أنّه واجب على كل مسلم ردَّ تحية كل كافر أحسن من تحيته، وقد أمر الله برد الأحسن أو المثل في هذه الآية، من غير تمييز منه بين المستوجب رد الأحسن من تحيته عليه، والمردود عليه مثلها، بدلالة يُعلم بها صحة قول مَن قال: عنى برد الأحسن: المسلم. وبرد المثل: أهل الكفر. والصواب إذ لم يكن في الآية دلالة على صحة ذلك ولا بصحته أثر لازم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلم عليه بين رد الأحسن أو المثل، إلا في الموضع الذي خص شيئًا من ذلك سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكون مسلمًا لها. وقد خصت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن من تحيتهم عليهم أو مثلها، إلا بأن يقال: وعليكم. فلا ينبغي لأحد أن يتعدى ما حد في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأما أهل الإسلام، فإن لمن سلم عليه منهم في الرد من الخيار ما جعل الله له من ذلك. وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تأويل ذلك بنحو الذي قلنا خبر».وزاد ابنُ عطية (٢/ ٦١٨) في معنى الآية قولًا آخر، فقال: «وقالت فرقة: إنما معنى الآية تخيير الراد، فإذا قال البادئ: السلام عليك، فللراد أن يقول: وعليك السلام. فقط، وهذا هو الرد، وله أن يقول: وعليك السلام ورحمة الله. وهذا هو التحية بأحسن منها».