ورجَّح ابنُ عطية (٥/ ١٩٧ دار الكتب العلمية) القول الثاني مستندًا إلى السياق، والسنة، فقال: «والصحيح عندي: أن جميع ما في هذه الآيات -أي: من قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوى} - هو مع جبريل - عليه السلام -، بدليل قوله تعالى: {ولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}، فإن ذلك يقضي بنزلة متقدمة، وما رُوي قطّ أنّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربَّه - عز وجل - قبل ليلة الإسراء، أما إن رؤية القلب لا تُمنَع بحال». ورجَّح ابنُ تيمية (٦/ ١٣٠) -مستندًا إلى أقوال السلف، والسياق- أن الدُّنوّ والتَّدلي هو دنوّ جبريل - عليه السلام - وتدلّيه، فقال: «الدنوّ والتدلّي في سورة النجم هو دنوّ جبريل وتدلّيه -كما قالت عائشة، وابن مسعود- والسياق يدُلُّ عليه، فإنه قال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوى} وهو جبريل، {ذُو مِرَّةٍ فاسْتَوى وهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى} فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المُعلّم الشديد القوي، وهو ذو المِرّة، أي: القوة، وهو الذي استوى بالأُفق الأعلى، وهو الذي دنا فتدلّى، فكان مِن محمد - صلى الله عليه وسلم - قدر قوسين أو أدنى، وهو الذي رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، رآه على صورته مرتين؛ مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى».