وقد رجّح ابنُ جرير (٥/ ٥٠٥ - ٥٠٦ بتصرف) هذا القول مستندًا إلى اللغة، وإلى السياق، فذهب إلى أن قوله: {قل إن الهدى هدى الله} معترض، وسائر الكلام مُتَّسِق على سياق واحد، ويكون تأويل الكلام حينئذ: «ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، بمعنى: لا يؤتى أحد بمثل ما أوتيتم، {أو يحاجوكم عند ربكم} بمعنى: أو أن يحاجكم عند ربكم أحد بإيمانكم؛ لأنكم أكرم على الله منهم بما فضلكم به عليهم. فيكون الكلام كله خبرًا عن قول الطائفة التي قال الله - عز وجل -: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار}، سوى قوله: {قل إن الهدى هدى الله}. وإنما اخترنا ذلك من سائر الأقوال التي ذكرناها لأنّه أصحها معنًى، وأحسنها استقامة على معنى كلام العرب، وأشدها اتِّساقًا على نَظْمِ الكلام وسياقه، وما عدا ذلك من القول فانتزاع يَبْعُد من الصحة على استكراه شديد للكلام».