للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيًا: التصدي لتعليم التفسير واستمرار المجالس التفسيرية وتوسعها:

يظهر ذلك جليًّا في تلاميذ ابن عباس الذين ساروا ععى منهج شيخهم فتصدوا للتفسير ونشروه بل واجتهدوا فيه، خصوصًا مجاهد بن جبر الذي كان له مجالس خاصة مع تلاميذه يكتبون عنه التفسير، فعن عبيد المكتب، قال: "رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهد" (١)، وكذلك سعيد بن جبير فعن وفاء بن إياس، قال: "رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب ومعه الدواة يغير" (٢)، وكان سعيد يقول: "سلوني يا معشر الشباب فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم" (٣). وقال أيضًا: "وددت أن الناس أخذوا ما عندي من العلم، فإنه مما يهمني" (٤). وهذا عكرمة مولى ابن عباس كان يقول لطلابه إذا لم يسألوه: "ما لكم أفلستم؟ يعني: لا أراكم تسألوني" (٥)، وهكذا في طبقة صغار التابعين نجد إسماعيل السدي كانت له مجالس مع تلاميذه يلقي عليهم التفسير، فقد مر عليه الشعبي مرة وحوله شباب يفسر لهم القرآن، فأغلظ له القول (٦)، كذلك مر على مجلسه إبراهيم النخعي، وهو يفسر، فقال: "أما إنه يفسر تفسير القوم" (٧).

ثالثًا: تدوين التفسير:

تقدم في الملمح السابق أن الطلاب كانوا يكتبون بين يدي مجاهد (ت: ١٠٢ هـ) وسعيد بن جبير (ت: ٩٥ هـ)، وقد توسع التدوين عمومًا بشكل كبير في هذا العصر بل صدر في آخره الأمر بالتدوين الرسمي لعلوم الشريعة في عهد عمر بن عبد العزيز (ت: ١٠١ هـ) كما سيأتي بيانه في الفصل الثاني.

رابعًا: الرحلة في طلب العلم ونشره:

اعتنى التابعون عناية كبيرة بالرحلة في طلب العلم عمومًا، وفي علوم القرآن خصوصا، فممن كان مداومًا على ذلك سعيد بن جبير (ت: ٩٥ هـ) الذي كان كثيرًا ما يترك بلده الكوفة ويرحل إلى ابن عباس (ت: ٦٨ هـ) في مكة ليتعلم منه، بل ربما رحل


= أما في الموسوعة فقد بلغت نسبة تفسيرهم ٤٧ % من تفسير السلف المباض، وينظر: خاتمة الدراسة التالية للوقوف على أسمائهم ومقدار تفسيرهم في الموسوعة.
(١) سنن الدارمي ١/ ٤٣٩.
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٢٦٦.
(٣) المعرفة والتاريخ ١/ ٧١٣، وينظر أيضًا: تفسير ابن جرير الطبري ١٣/ ٦٩٤.
(٤) حلية الأولياء ٤/ ٢٨٣.
(٥) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٨٦.
(٦) تهذيب الكمال ٣/ ١٣٥.
(٧) تهذيب الكمال ٣/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>