ورجَّح ابنُ جرير (١٩/ ٣١٦) القراءتين، ووجَّههما بقوله: «والصواب من القول في ذلك عندي أن يُقال: إنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار، متقاربتا المعنى. وذلك أنّ معنى ذلك: وقالوا آمنا بالله في حين لا ينفعهم قيلُ ذلك. فقال الله: {وأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ} وأنّى لهم التوبة والرَّجْعَةُ التي قد بَعُدَت منهم، وصاروا منها بموضعٍ بعيدٍ أن يتناولوها؛ وإنما وصَفَ ذلك المكان بالبُعْد لأنهم قالوا ذلك في القيامة، فقال الله: أنّى لهم بالتوبة المقبولة؟ والتوبة المقبولة إنما كانت في الدنيا، وقد ذهبت الدنيا، فصارت بعيدًا من الآخرة، فبأيَّةِ القراءَتَيْن اللتَيْن ذكرتُ قرأ القارئُ فمصيبٌ الصوابَ في ذلك». ثم ذكر توجيهًا آخر لأصحاب القراءة الثانية، فقال: «وقد يجوز أن يكون الذين قَرَءُوا ذلك بالهمز هَمَزوا وهم يريدون معنى مَن لم يَهْمِز، ولكنَّهم همزوه لانضمام الواو، فقلبوها، كما قيل: {وإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} [المرسلات: ١١]، فجُعِلَت الواو من» وُقِّتَت «إذا كانت مضمومةً، همزةً». ووجَّه ابنُ عطية (٧/ ١٩٧) القراءة الأولى بقوله: «فكأنه قال: وأنّى لهم تناول مرادهم، وقد بعدوا عن مكان إمكان ذلك».