[٣٧٠] ذكر ابنُ جرير (٢/ ٢٦٥ بتصرف) في معنى قوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل} قولين: أحدهما: أنهم أُشرِبُوا حبه. والآخر: أنهم شربوا الماء الذي ألقى موسى - عليه السلام - فيه برادة العجل. ثم رجَّحَ الأولَ مستندًا إلى دلالةِ اللغة، والعقل، والنّظائر، فقال: "وأَوْلى التأويلين اللذَّيْن ذكرت تأويل مَن قال: وأشربوا في قلوبهم حب العجل؛ لأن الماء لا يقال منه: أُشرِبَ فلان في قلبه، وإنما يقال ذلك في حب الشيء، فيقال منه: أُشْرِب قلبُ فلان حُبَّ كذا، بمعنى: سُقِيَ ذلك حتى غَلَب عليه وخالَط قلبه، ولكنه ترك ذكر الحُبِّ اكتفاءً بفهم السامع لمعنى الكلام؛ إذ كان معلومًا أنّ العجل لا يُشرِب القلب، وأن الذي يشرب القلب منه حبه، كما قال -جل ثناؤه-: {واسْأَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ البَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣]، {واسْأَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها والعِيرَ الَّتِي أقْبَلْنا فِيها} [يوسف: ٨٢]، وكما قال الشاعر: حسِبتُ بُغامَ راحلتي عَناقًا وما هي ويبَ غيرِك بالعَناقِ".