ورجَّح ابنُ جرير (١٨/ ٣٥١) القول الأول والثاني مستندًا إلى اللغة، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: لرادك إلى عادتك من الموت، أو إلى عادتك حيث ولدت. وذلك أن المعاد في هذا الموضع» المفعل «من العادة، ليس من العود». ثم ذكر بأن القول الثاني يصح إن وجه «موجه تأويل قوله: {لرادك}: لمصيرك، فيتوجه حينئذ قوله: {إلى معاد} إلى معنى العود، ويكون تأويله: إن الذي فرض عليك القرآن لمصيرك إلى أن تعود إلى مكة مفتوحة لك». وساق ابنُ عطية (٦/ ٦١٩) الأقوال، ثم قال: «والمعاد: الموضع الذي يعاد إليه. وقد اشتهر به يوم القيامة؛ لأنّه معاد الكل». وجمع ابنُ كثير (١٠/ ٤٩١) بين الروايات الواردة عن ابن عباس بقوله: «ووجه الجمع بين هذه الأقوال أنّ ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة، وهو الفتح الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجله - صلى الله عليه وسلم -، كما فسره ابن عباس بسورة {إذا جاء نصر الله والفتح} أنه أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعي إليه، وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب، ووافقه عمر على ذلك، وقال: لا أعلم منها غير الذي تعلم. ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله: {لرادك إلى معاد} بالموت، وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه ومصيره على أداء رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين: الجن والإنس، ولأنه أكمل خلق الله، وأفصح خلق الله، وأشرف خلق الله على الإطلاق».