للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٨٢٧ - قال مقاتل بن سليمان: {فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} يعني: ندامة، {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} يقول: تكون عليهم أموالهم التي أنفقوها ندامة على إنفاقهم، ثم يُهزمون (١). (ز)

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)}

٣٠٨٢٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: هم الكفار الذين خلقهم الله للنار وخلق النار لهم، فآلت عنهم الدنيا، وحُرِّمت عليهم الجنة (٢). (ز)

٣٠٨٢٩ - قال مقاتل بن سليمان: ثم أخبر بمنزلتهم في الآخرة، فقال: {والَّذِينَ كَفَرُوا} بتوحيد الله {إلى جَهَنَّمَ} في الآخرة {يُحْشَرُونَ} (٣). (ز)

{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}

٣٠٨٣٠ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قوله: {ليميز الله الخبيث من الطيب}، فمَيَّز أهلَ السعادة من أهل الشقاوة (٤). (ز)

٣٠٨٣١ - قال مُرَّة الهَمْدانِيّ: يعني: يَمِيز المؤمن -في علمه السابق الذي خلقه حين خلقه طَيِّبًا- من الخبيث الكافر -في علمه السابق الذي خلقه خبيثًا- (٥). (ز)

٣٠٨٣٢ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: ثم ذَكَر المشركين، وما يصنع بهم يوم القيامة، فقال: {ليميز الله الخبيث من الطيب}، يقول: يميز المؤمن من الكافر، فيجعل الخبيث بعضه على بعض (٦) [٢٨٠١] [٢٨٠٢]. (ز)


[٢٨٠١] لم يذكر ابن جرير (١١/ ١٧٥) في معنى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} سوى قول ابن عباس، والسدي.
[٢٨٠٢] وجَّه ابن كثير (٧/ ٧٤) قولَ ابن عباس والسدي قائلًا: «وهذا يحتمل أن يكون هذا التمييز في الآخرة، كقوله: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكُمْ أنْتُمْ وشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ} [يونس: ٢٨]، وقال تعالى: {ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} [الروم: ١٤]، وقال في الآية الأخرى: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: ٤٣]، وقال تعالى: {وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ} [يس: ٥٩]. ويحتمل أن يكون هذا التمييز في الدنيا، بما يظهر من أعمالهم للمؤمنين، وتكون» اللام «مُعَلِّلة لِما جعل الله للكفار من مال ينفقونه في الصد عن سبيل الله، أي: إنما أقْدَرْناهم على ذلك: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، أي: من يطيعه بقتال أعدائه الكافرين، أو يعصيه بالنكول عن ذلك، كقوله: {وما أصابَكُمْ يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ * ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالا لاتَّبَعْناكُمْ} الآية [آل عمران: ١٦٦، ١٦٧]، وقال تعالى: {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلى الغَيْبِ} الآية [آل عمران: ١٧٩]، وقال تعالى: {أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكُمْ ويَعْلَمَ الصّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٢]، ونظيرتها في براءة أيضًا».ووجَّهه ابن عطية (٤/ ١٨٨) قائلًا: «واللام -على هذا التأويل- من قوله: {لِيَمِيزَ} متعلق بـ {يُحْشَرُونَ}، والمعنى: أنّ الله يحشر الكافرين إلى جهنم لِيَمِيز الكافرين من المؤمنين بأن يجمع الكافرين جميعًا فيلقيهم في جهنم».
وزاد ابن عطية قولًا آخر حكاه عن ابن سلّام والزجاج أنهما قالا: «المعني بـ» الخبيث «المال الذي أنفقه المشركون في الصد عن سبيل الله، والطيب هو ما أنفقه المؤمنون في سبيل الله». ووجّهه بقوله: «واللام على هذا التأويل من قوله {ليميز} متعلقة بـ {يغلبون}، والمعنى: الكفار ينفقون أموالهم فتكون عليهم حسرة ثم يغلبون مع نفقتها، وذلك ليميز الله الفرق بين الخبيث والطيب فيخذل أهل الخبيث وينصر أهل الطيب، وقوله تعالى -على هذا التأويل-: {ويجعل الخبيث بعضه على بعض} إلى قوله: {في جهنم} مترتب على ما رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى يخرج من الأموال ما كان صدقة أو قربة يوم القيامة ثم يأمر بسائر ذلك فيلقى في النار».

<<  <  ج: ص:  >  >>