[٥٩٣٤] اختُلف في قراءة قوله: {آيات}؛ فقرأ قوم: {آيات} بالرفع. وقرأ غيرهم بالخفض. وذكر ابنُ جرير (٢١/ ٧٢ - ٧٣) أن القراءة الأولى جاءت رفعًا على الابتداء، وترك ردّها على قوله: {لآيات للمؤمنين}. وأن القراءة الثانية جاءت خفضًا بتأويل النصب ردًّا على قوله: {لآيات للمؤمنين}. وبنحوه قال ابنُ عطية (٧/ ٥٨٧). وزاد ابنُ عطية أن قراءة الرفع لها وجه آخر، وهو أن يكون قوله: {وفي خلقكم وما يبث} مستأنفًا، ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة، ونقل أن بعض الناس قال: يجوز أن يكون جملة في موضع الحال. وعلَّق عليه بقوله: «فلا تكون غريبة على هذا». وذكر ابنُ جرير أنّ من قرأوا بالخفض اختاروه؛ لأنه في قراءة أبيّ في الآيات الثلاثة (لَآيات) باللام، فجعلوا دخول اللام في ذلك في قراءته دليلًا لهم على صحة قراءة جميعه بالخفض، وانتقده فقال: «وليس الذي اعتمدوا عليه من الحجة في ذلك بحجة؛ لأنه لا رواية بذلك عن أبي صحيحة، وأُبي لو صحّت به عنه رواية ثم لم يُعلم كيف كانت قراءته بالخفض أو بالرفع لم يكن الحكم عليه بأنه كان يقرأه خفضًا بأولى من الحكم عليه بأنه كان يقرأه رفعًا، إذ كانت العرب قد تُدخل اللام في خبر المعطوف على جملة كلام تام قد عملت في ابتدائها» إن «، مع ابتدائهم إياه». ثم رجَّح صحة كلتا القراءتين مستندًا إلى شهرتهما، وصحة معناهما، فقال: «والصواب مِن القول في ذلك إن كان الأمر على ما وصفنا أن يُقال: إنّ الخفض في هذه الأحرف والرفع قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، قد قرأ بهما علماء من القراء صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب».