للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{لِنَقْرَأَهٌ عَلَى النَّاسِ عَلَي مُكْثٍ} [الإسراء: ١٠٦] قال: "التفسير الذي قال اللَّه: {وَرَتِّلِ القُرْءَانَ تَرْتِلًا} [المزمل: ٤] تفسيره" (١).

ومن أمثلته عند الأئمة الخمسة قول ابن عطية (ت: ٥٤١ هـ) موجهًا بعض المعاني -مستندًا إلى النظائر-: "وقوله تعالى: {سَيُطَوَّقوُنَ} [آل عمران: ١٨٠] على هذا التأويل معناه: سيحملون عقاب ما بخلوا به. فهو من الطاقة؛ كما قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِيِنَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: ١٨٤]، وليس من التطويق" (٢). ورجح ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) عموم قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠]؛ مستندًا إلى النظائر، فقال: "والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}؛ أي: خيارًا. {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] " (٣).

[١٠ - السياق]

وهو مجموع المعنى المتصل بالآية مما قبلها وبعدها (سباق الآية ولحاقها).

والأخذ به لازم، ودلالته معتبرة، ولا يصح الخروج عنه إلا بمقتضى دليل، إذ به يتبين مراد المتكلم، وتكشف مشكلات المعاني، قال ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ): "غير جائز صرف الكلام عما هو في سياقه إلى غيره، إلا بحجة يجب التسليم لها؛ من دلالة ظاهر التنزيل، أو خبر عن الرسول تقوم به حجة، فأما الدعاوى فلا تتعذر على أحد" (٤)، وقال ابن دقيق العيد (ت: ٧٠٢ هـ): "يجب اعتبار ما دلَّ عليه السياق والقرائن؛ لأن بذلك يتبين مقصود الكلام" (٥)، وقال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ): "السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد. .، وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظيره، وغالط في


(١) جامع البيان ١٥/ ١١٧.
(٢) المحرر الوجيز ٢/ ٤٣١.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٣/ ١٤٢.
(٤) جامع البيان ٧/ ٦٧٥.
(٥) البحر المحيط في الأصول ٢/ ٣٦٧، وينظر: سلاسل الذهب ص ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>