[١٩٧٠] رجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ١٠٨) بدلالة السُّنَّة أنّ التعليم الذي ذُكِر في قوله تعالى: {تعلمونهن مما علمكم الله} أن يعلم الرجلُ جارِحَه الاسْتِشْلاء فيَنشَلِي، ويدعوه فيجيب، ويزجره بعد ظَفَره بالصيد فينزَجِر، وألّا يأكل الجارحُ مِمّا صاده، فقال: «وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصَّواب عندنا في تأويل قوله: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} أنّ التَّعليم الَّذي ذكره الله في هذه الآية للجوارح إنّما هو أن يُعَلِّم الرَّجُلُ جارِحَهُ الِاسْتِشْلاءَ إذا أُشْلِيَ على الصيد، وطَلَبَهُ إيّاهُ إذا أُغْرِي، أو إمساكَه عليه إذا أخذ من غير أن يأكل منه شيئًا، وألّا يفِرَّ منه إذا أراده، وأن يُجِيبَه إذا دعاه، فذلك هو تعليم جميع الجوارحِ؛ طَيْرِها وبهائِمِها. وإنْ أكَلَ مِن الصيد جارِحَةُ صائِدٍ فَجارِحُهُ حينئذ غيرُ مُعَلَّمٍ. فإن أدرك صاحبُه حَيًّا فَذَكّاهُ حَلَّ له أكْلُه، وإنْ أدْرَكَهُ مَيِّتًا لم يَحِلَّ له؛ لأنه مِمّا أكَلَهُ السَّبُعُ الذي حرَّمه الله تعالى بقوله: {وما أكَلَ السَّبُعُ}، ولم يُدْرَكْ ذَكاتُه. وإنّما قلنا ذلك أوْلى الأقوال في ذلك بالصواب لِتَظاهُرِ الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». وزاد ابنُ عطية (٣/ ١٠٦) دلالة الإجماع، وقال: «أعلى مراتب التعليم أن يُشْلى الحيوان فيَنشَلِي، ويُدْعى فيُجِيب، ويُزجَر بعد ظَفَره بالصيد فيَنزَجِر، وأن يكون لا يأكل من صيده. فإذا كان كلبٌ بهذه الصفات، ولم يكن أسودَ بهيمًا، فأجمعت الأمة على صِحَّة الصيد به، بشرط أن يكون تعليم مسلم، ويصيد به مسلم، هنا انعقد الإجماع. فإذا انخرم شيء مما ذكرناه دخل الخلاف».