للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقرُّوا بالجزية (١) [٩٨٥]. (ز)

{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}

١٠٢٨٧ - عن حُميد الأعرج، أنّه كان يقرأ: (قَد تَّبَيَّنَ الرَّشَدُ مِنَ الغَيِّ). =

١٠٢٨٨ - وكان يقول: قراءتي على قراءة مجاهد (٢). (٣/ ١٩٩)


[٩٨٥] رَجَّح ابنُ جرير (٤/ ٥٥٣ - ٥٥٤) مستندًا إلى السّنَةِ، والدلالات العقلية قولَ قتادة من طريق مَعْمَر، والضحاك من طريق جويبر، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح؛ بأنّ الآية نزلت في خاصٍّ مِن الكفار، ولم يُنسخ منها شيء، وأنّ عدم الإكراه في الدين إنّما هو لأهل الكتاب والمجوس وكُلِّ مَن جاز إقرارُه على دينه المخالِفِ دينَ الحق، وأخذ الجزية منه، فقال مُعَلِّلًا ترجيحَه: «وإنّما قُلنا: هذا القولُ أولى الأقوال في ذلك بالصواب لِما قد دَلَّلنا عليه من أنّ الناسخ غيرُ كائن ناسخًا إلا ما نفى حُكْمَ المنسوخ، فلم يَجُزِ اجتماعُهما، فأمّا ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي وباطنه الخصوص فهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل، وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير مستحيل أن يُقال: لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين، ولم يكن في الآية دليلٌ على أن تأويلها بخلاف ذلك، وكان المسلمون جميعًا قد نقلوا عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - أنّه أكره على الإسلام قومًا، فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وأنّه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه، وإقراره على دينه الباطل».
وانتَقَدَ (٤/ ٥٥٤) مَن قال بأنّ الآية منسوخة؛ بأنّه قولٌ لا معنى له. ثُمَّ بيَّن بأنّ قول ابن عباس من طريق ابن إسحاق وما في معناه: «غير مدفوعةٍ صحتُه، ولكنَّ الآية قد تنزل في خاصٍّ من الأمر ثم يكون حكمها عامًّا في كلِّ ما جانس المعنى الذي أنزلت فيه، فالذين أُنزِلَت فيهم هذه الآية على ما ذكر ابن عباس وغيرُه إنّما كانوا قومًا دانَوْا بدين أهل التوراة قبل ثبوت عَقْدِ أهل الإسلام لهم، فنهى الله -تعالى ذِكْرُه- عن إكراههم على الإسلام، وأنزل بالنهي عن ذلك آيةً يَعُمُّ حكمُها كلَّ مَن كان في مثل معناهم مِمَّن كان على دينٍ من الأديان التي يجوز أخذ الجزية من أهلها، وإقرارهم عليها».
ورَجّح ابنُ القيم (١/ ١٩١) مستندًا إلى دلالة العموم بأنّ الآية في حق كل كافر، وقال: «وهذا ظاهرٌ على قول من يُجَوِّزُ أخْذَ الجِزْيَةِ من جميع الكفار».

<<  <  ج: ص:  >  >>